تعاريف وأبعاد التنمية الاجتماعية

تختلف تعريفات الحماية الاجتماعية زمانيا. وهناك تفسير تعطيه كل دولة لمفهوم الحماية الاجتماعية انطلاقا من الأولويات والسياسات الوطنية. وعموما تشمل الحماية الاجتماعية مجموعة من الاستثمارات العمومية والمبادرات الرسمية أو غير الرسمية التي من شأنها أن تعالج بشكل مباشر المخاطر المختلفة والهشاشة والفقر المزمن.

وتعرف الهشاشة بأنها درجة عالية من تعرض الفرد لخطورة فقدان حالة من الرفاه أو عدم بلوغها بالتزامن مع القدرة المحدودة على حماية نفسه ضد مختلف هذه العوائق. ويمكن أن يكون مصدر هذه الأخطار ناجما عن صدمات يتأثر بها المجتمع ككل أو البلد (مخاطر مرتبطة بالبيئة أو بالأزمات الغذائية أو الاقتصادية) أو صدمات على مستوى الأشخاص والأسر (أمراض، أحداث مرتبطة بدورة الحياة لدى الإنجاب أو الولادة والشيخوخة والوفاة).

وترتبط الهشاشة في الغالب بالفقر (حيث يزيد أو يخلق ظروف الهشاشة) ولكن هناك أنواعا من الهشاشة ذات الطابع المادي أو الاجتماعي. لذا فإن للهشاشة إبعادا كثيرة تتطلب ردودا مختلفة مع العمل على إيجاد التوازن والتناسق والتكامل بين مختلف الاستراتيجيات والسياسات الاجتماعية على مستويات العمل العمومي. وبحكم تعدد الصدمات المتعلقة بأبعاد الهشاشة، فإن الأمر يتطلب رؤية شمولية لمساعدة السكان على إدارة المخاطر بشكل أفضل.

وتحتوي الحماية الاجتماعية في نفس الوقت أنظمة مساهمة (أنظمة يساهم فيها المستفيدون إلى حد ما كأنظمة الحماية الاجتماعية المتعلقة بالشغل وأنظمة التأمين الاجتماعي أو تعاضديات الصحة) وأنظمة لا تتطلب مساهمة (عبر التحويلات الاجتماعية نقدا أو عينا والتي تمنح للمستفيدين دون مقابل). وتنعكس أساسا عل جانب الطلب عبر الآليات التي تسعى إلى تعزيز قدرات الأفراد والجماعات على مواجهة احتياجات الحياة وتذليل العقبات سواء الاقتصادية أو الاجتماعية والتي تحد من النفاذ إلى الخدمات ومن الاستفادة من مزايا التنمية.

وتضمن الحماية الاجتماعية بوصفها حقا يكفله معظم الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان انطلاقا من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الحق في السلامة الاجتماعية (المادة 22) وفي عمل لائق (المادة 23) وفي مستوى معيشي يضمن الكفاف (المادة 25). ونصت الآليات الدولية الأخرى على هذه الحقوق ومنها: 

  • العهد الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حيث شدد على الحقوق التي يتضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المواد 6، 7 و9) مضيفا إليها الحق في الحماية ومساعدة الأسرة وخاصة الأمهات (المادة 10)، حق الإنسان في أن يكون بمنأى من الجوع (المادة 11)، الحق في تعليم بمتناول الجميع بما في ذلك نظام مناسب للمنح الدراسية (المادة 13)؛ 
  • الميثاق العربي لحقوق الإنسان حيث يضمن لكل مواطن الحق في الأمن الاجتماعي بما في ذلك حق التأمين الاجتماعي (المادة 36) وفي التنمية بما فيها الحق في المشاركة في تحقيق التنمية والاستفادة من منافعها وثمارها (المادة 37) وإلى مستوى الكفاف بما يضمن للمواطن الرفاه والحياة اللائقة بما في ذلك المأكل والملبس والمسكن والخدمات والمحيط الملائم (المادة 38)؛ 
  • الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب: يضمن الحق في العمل في ظروف عادلة ومرضية (المادة 15) والحق في محيط ملائم يتناسب مع التنمية (المادة 24) والحق في التعليم (المادة 17) والمساعدة الطبية (المادة 16) إضافة إلى إجراءات خاصة ومضمونة لصالح المسنين أو المعوقين (المادة 18)؛ 
  • عولجت الحماية الاجتماعية للسكان ذوي الهشاشة في المعاهدات المتعلقة بحقوق الطفل وحقوق المعوقين وحقوق النساء وغيرها؛ 
  • تضمن الاتفاقيات الدولية لمكتب العمل الدولي حماية الحق في عمل لائق وفي الأمن الاجتماعي.

على الصعيد العملياتي تتضمن الحماية الاجتماعية : 

  • الحماية الاجتماعية أو المساعدة الاجتماعية للأشخاص والأسر الذين يعانون من الفقر المدقع (أنظمة غير مساهمة). وتشمل في العادة تحويلات منتظمة وقابلة للتقدير (عينا أو نقدا بما في ذلك الإعفاءات من التكاليف أو الإعانات العامة للأسعار) من طرف كيانات حكومية وغير حكومية لصالح أفراد أو أسر أو لهما معا. وتهدف هذه التحويلات التي يمكن ان تشمل من بين أمور أخرى العلاوات العائلية والمعاشات الاجتماعية إلى تخفيض الفقر والهشاشة وزيادة النفاذ إلى الخدمات الأساسية وضمان الحد الأدنى من الرفاه الاقتصادي. وتشكل شبكات الضمان الاجتماعي جزءا من هذه المساعدات الاجتماعية؛
  • الخدمات الاجتماعية لصالح الفئات المهمشة التي تحتاج لعلاجات خاصة أو التي قد تمنع من النفاذ إلى الخدمات الأساسية بحكم خواصها الاجتماعية (وليس الاقتصادية). ويفترض أن تقدم مثل هذه الخدمات إلى أؤلئك الذين تعرضوا للمرض أو لفقدان سند عائلي أو أقارب (وفاة) أو لحادث أو لكارثة طبيعية أو يعانون من إعاقة ومن العنف داخل أو خارج العائلة ومن انهيار البنية الأسرية والبطالة وكذلك المحاربين القدماء أو اللاجئين؛
  • التأمين الاجتماعي لحماية الأشخاص من المخاطر أو آفات الحياة وتأثير ذلك على الظروف المعيشية والصحية. ويسمح التأمين الاجتماعي للأسر الفقيرة بالنفاذ إلى الخدمات في أوقات الأزمات ويتخذ هذا التأمين في العادة شكل آليات للإعانة ضد المخاطر مع استثناءات تخص الفقراء حيث تدفع لهم أموال. وتعتبر الأنظمة المساهمة كالتعاضديات الصحية والضمان الاجتماعي القائم على تقاسم المخاطر بين صاحب العمل والعامل من آليات التأمين الاجتماعي الذي يشمل أيضا أنظمة التأمين العام ضد المرض؛
  • إجراءات للإنصاف الاجتماعي لحماية الأشخاص ضد المخاطر الاجتماعية كالتمييز وسوء المعاملة. ويتعلق الأمر بالإطار القانوني وبالنصوص التشريعية والتنظيمية المناهضة للتمييز كما يتعلق بإجراءات التمييز الإيجابي لتصحيح حالات غبن اجتماعي (أنظمة الحصص لأشخاص غير ممثلين بما فيه الكفاية في العمل) ويعتبر تشريع العمل جزءا من إجراءات الإنصاف الاجتماعي. وفي الغالب تتزامن هذه الإجراءات مع حملات اتصال وتحسيس لتغيير التصرفات والمسلكيات التمييزية.

من جهة ينظر إلى الحماية الاجتماعية كوسيلة للحيطة بالنسبة للأسر التي تعرضت لصدمات خارجية (هذه الصدمات تؤثر على الأسر بحيث تعرضها لأشكال من الهشاشة الخاصة وتجعلها تعتمد استراتيجيات سلبية للبقاء). وينظر إليها كذلك على انها ضمان لمستوى من الدخل أو من الاستهلاك للأسرة. غير ان الحماية الاجتماعية تمثل كذلك أسلوبا للنهوض بإنتاجية الأسر حيث تعمل على زيادة قدرتها على شراء المدخلات ودعم تنمية رأس المال البشري. وبذلك فإن الطابع المتميز للحماية الاجتماعية يتأكد شيئا فشيئا بحكم قدرتها على التغيير. وبذلك نلاحظ بحسب الفكر السائد ان هناك أربعة إبعاد للحماية الاجتماعية[1]:

  •  إجراءات وقائية تهدف إلى تجنيب الفقراء أو المهمشين التقوقع في الفقر المدقع عبر تزويدهم بحوافز ووسائل. وقد يتعلق بالتأمين الذاتي والادخار والتحويلات الاجتماعية والمساعدة في تسيير الأخطار التي تهدد الدخل وبرامج خلق فرص العمل التي تعتمد على اليد العاملة الكثيفة ودعم اقتسام المخاطر محليا وإدخال خدمات تأمين مناسبة للفقراء. وبوجه عام تسمح هذه الإجراءات للفئات والأشخاص بتفادي عمليات تكيف مضرة جدا؛
  • إجراءات الحماية وهي توفر حماية اجتماعية واسعة النطاق لفئات هشة اقتصاديا (التأمين الاجتماعي وشبكات التأمين المختلفة كالمساعدات الغذائية وغيرها في حالة الحرمان). كما تضمن مساعدات لمواجهة الفقر ولبلوغ مستوى معيشي مقبول نسبيا (ضمان حد الكفاف)؛
  •  إجراءات ترقية : تزيد الدخل الحقيقي والكفاءات عبر اعتماد عدد من البرامج لصالح الأسر أو الأفراد، وترمي إلى تحسين طرق العيش ومنها على سبيل المثال التمويل الخفيف أو الكفالات المدرسية والدمج في سوق العمل وغيرها من أشكال الاستثمار في رأس المال البشري؛
  • إجراءات تحول : وتهدف إلى تغيير أنظمة اللامساواة التي تبقي الفقراء في حالة الفقر وتتعلق بوجه خاص بالمجال القانوني والملكية العقارية والتعريف بالحقوق. وتعمل على مواجهة الإختلالات في السلطات التي تسبب الهشاشة أو تبقيها قائمة، عبر تعزيز الأحوال الاجتماعية والنهوض بحقوق المهمشين.

وقد تكون مراعاة هذه الأبعاد الأربعة للحماية الاجتماعية احد العوامل التي قد تساعد على كسر طوق الفقر والمساهمة في النمو الاقتصادي إذا ما تضافرت بشكل ايجابي (الرسم البياني رقم 1).

الشكل 1: الإطار المفاهيمي للأبعاد الأربعة للحماية الاجتماعية

منصة: 1- تحول: تحولات اجتماعية. 2- وقاية: آليات ضمان.  3- ترقية: فرص اقتصادية. شبكات تأمين: 1- ترقية: فرص اقتصادية. 2- حماية: مساعدة اجتماعية. 3- تحول: تحولات اجتماعية.

 

وتعمل إستراتجية الحماية الاجتماعية الفعالة والمنصفة على سد احتياجات جميع السكان الذين يعانون من هشاشة الظروف بفضل الاعتماد على تحليل أنواع واتساع أصناف الهشاشة والمخاطر الكبيرة التي يواجهها السكان. وتراعي كذلك خاصية الهشاشة والأخطار ذات العلاقة بالنوع وبمراحل الحياة (الأطفال، الأشخاص في سن العمل، المسنون) أو الحالة المادية أو العقلية (أشخاص في حالة إعاقة أو مرض مزمن). وتقوم على المبادئ الأساسية التالية: 

الشرق أول تقليم 20.4. الشرق ثاني تقليم 27.4. الشرق ثالث تقليم 90. الشرق رابع تقليم 20.4. الغرب أول تقليم 30.6. الغرب ثاني تقليم 38.6. الغرب ثالث تقليم 34.6. الغرب رابع تقليم 31.6. الشمال أول تقليم 45.9. الشمال ثاني تقليم 46.9. الشمال ثالث تقليم 45. الشمال رابع تقليم 43.9.

  • حد أدنى من الرفاه للأفراد عبر مكافحة نقص الدخل النقدي (برامج للشبكات الاجتماعية أو لمجانية الخدمات) والتهميش الاجتماعي، عبر خدمات للمساعدة الاجتماعية) والتمييز القانوني (عبر التشريعات والنصوص التنظيمية) ومخاطر الحياة (عبر توفير تأمين اجتماعي أو تقاعد)؛ 
  • مشاطرة مخاطر الافتقار أو الاحتياج سواء تعلق الأمر بمخاطر الحياة (كالمرض أو الشيخوخة) أو المخاطر الطارئة (الجفاف والأزمة الغذائية العالمية)؛ 
  • شعور بوجود ضمان اجتماعي موجود لدى جميع المواطنين. لذا يجب مأسسة إجراءات الحماية الاجتماعية وإدراجها في القانون ضمن إستراتيجية متناسقة ومعتمدة سواء تعلق الأمر بالتمويل أو بالتنفيذ.

[1]  - ديفيره وسابات ويلر 2004.