جدول المحتويات:
1. التوجّهات السكانية في المنطقة العربية
تُظهر دراسات عن النمو السكاني[1] تحوّلاً ديمغرافياً يتمثل بـ "الانتقال إلى الشيخوخة"، أي زيادة عدد كبار السنّ بين السكان. وتبيّن التوقعات السكانية العالمية لعام 2022، التي أجرتها إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة، أن نسبة الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً وما فوق قد ترتفع من 10 في المائة في عام 2022 إلى 16 في المائة في عام 2050. وتشير التوقعات السكانية العالمية لعام 2024 إلى أن عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً وما فوق قد يصل إلى 2.2 مليار نسمة في أواخر سبعينيات القرن الحادي والعشرين، ليتجاوز عدد الأشخاص دون سن 18 عاماً. ويبيّن الجدول 1 والشكل 1 السنوات التي من المتوقع أن تزداد فيها نسبة كبار السنّ في بعض البلدان من 10 إلى 20 في المائة من السكان. وبينما استغرق تحقيق هذه الزيادة أكثر من 100 عام في بعض البلدان، مثل فرنسا، وسُجِّلت خلال 75 عاماً في الولايات المتحدة، وخلال أقل من 20 عاماً في الصين والبرازيل. أما في الهند، فمن المتوقع أن تصل نسبة كبار السنّ إلى 20 في المائة من السكان في عام 2055.
الجدول 1. الفترة التي من المتوقع أن تزداد فيها نسبة كبار السنّ من 10 إلى 20 في المائة من السكان
البلد | كبار السنّ يشكلون 10 في المائة من السكان | كبار السنّ يشكلون 20 في المائة من السكان |
---|---|---|
فرنسا | 1850 | 1995 |
السويد | 1881 | 1970 |
بريطانيا | 1901-1931 | 1980 |
الولايات المتحدة الأمريكية | 1940 | 2015 |
اليابان | 1970 | 1995 |
الصين | 2000 | 2025 |
البرازيل | 2010 | 2035 |
الهند | 2020 | 2055 |
المصدر: World report on Ageing and Health, World Health Organization.
الشكل 1. النسبة المئوية لكبار السنّ عالمياً
المصدر: الاتحاد الدولي للاتصالات، الشيخوخة في عالم رقمي – من التأثر إلى التأثير، 2021.
وتُظهر تقديرات منظمة الصحة العالمية التي نُشرت في صحيفة الوقائع الصادرة في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2024 أن 80 في المائة من كبار السنّ قد يعيشون في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في عام 2050، وقد تشكل النساء النسبة الأكبر منهم. وتشير التقديرات إلى أن عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً وما فوق تجاوز عدد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات في عام 2020، ومن المتوقع أن تتضاعف نسبة السكان الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً وما فوق من 12 إلى 22 في المائة بين عامي 2015 و2050. ويتوافق هذا التحوّل العالمي مع واقع المنطقة العربية، التي كان الشباب يشكل النسبة الأكبر من سكانها.
أما على الصعيد الإقليمي، واستناداً إلى الدراسة التي أعدّتها الإسكوا وصندوق الأمم المتحدة للسكان في عام 2022 بشأن الشيخوخة في الدول الأعضاء[2]، فمن المتوقع أن تبدأ مرحلة "الانتقال إلى الشيخوخة" في السنوات الخمس عشرة المقبلة. وقُدِّر أن فترة التحوّل قصيرة قد تصل إلى 36 عاماً، علماً أن غالبية الدول العربية تعرّف فئة كبار السنّ بالأشخاص الذين تفوق أعمارهم الـ 60 عاماً، باستثناء العراق والسودان والكويت، حيث تبدأ مرحلة الشيخوخة من 65 عاماً. والواقع أن عدد السكان في المنطقة العربية ارتفع أكثر من ثلاثة أضعاف من 123 مليوناً في عام 1970 إلى حوالي 430 مليوناً في عام 2022، أي حوالي 5 في المائة من مجموع سكان العالم. وارتفع عدد كبار السنّ من 7 ملايين إلى 29 مليوناً في الفترة نفسها، ومن المتوقع أن يتجاوز 71 مليوناً بحلول عام 2050.
وتُظهر التوقعات السكانية العالمية لعام 2022[3] حجم النموّ السكاني في البلدان العربية خلال ثلاث فترات زمنية. ويبيّن الشكل 2 زيادة واضحة في النموّ السكاني في جميع البلدان بين عامي 1970 و2015، كما أنه يشير إلى ارتفاع إضافي محتمل في معظم البلدان بحلول عام 2050، ولا سيّما في البلدان ذات الكثافة السكانية مثل مصر والعراق والسودان.
ويُظهر الشكل 3 الفترة المقدّرة للانتقال إلى الشيخوخة في البلدان العربية، مع تفاوت السنّ المحدد لكبار السنّ في كل منها. وتُظهر الأرقام أن هذه المرحلة بدأت في تونس منذ عام 2000، وفي الجزائر والمغرب ولبنان في السنوات العشر الماضية، وهو ما يشير إلى الوتيرة السريعة لمرحلة الانتقال إلى الشيخوخة وضرورة الاستعداد للتعامل معها.
يبيّن الشكل 2 أن النموّ السكاني قد يرتفع في السنوات الثلاثين المقبلة في البلدان العربية، ولا سيّما البلدان ذات الكثافة السكانية مثل مصر والعراق والسودان، وبنسب أقل في بلدان مثل لبنان وتونس. أما بلدان مجلس التعاون الخليجي، فقد تشهد نموّاً متوسطاً مقارنة بالبلدان التي تتفوق عليها من حيث المساحة والكثافة السكانية.
الشكل 2. حجم النموّ السكاني في البلدان العربية خلال ثلاث فترات زمنية (1970، 2015، 2050)
المصدر: DESA, Population Division, World Population Prospects: the 2022 Revision, https://population.un.org/wpp/Publications/.
الشكل 3. الفترة المقدّرة لـ "الانتقال إلى الشيخوخة" في البلدان العربية
المصدر: الإسكوا، تقرير السكان والتنمية، العدد التاسع، بناء مستقبل أفضل لكبار السنّ في المنطقة العربية، 2022.
ملاحظة: ترد بين قوسين المدة المقدّرة لمرحلة الانتقال إلى الشيخوخة. والسنة الأولى من هذه المرحلة هي التي تبلغ فيها نسبة كبار السنّ 7 في المائة لتقترب من خانة عشرية واحدة. وحيثما كانت هذه النسبة أعلى (أي 7.05 في المائة أو أكثر)، استُخدمت السنة السابقة لتحديد تاريخ بدء الانتقال إلى الشيخوخة.
ليست وتيرة الشيخوخة نفسها في جميع البلدان العربية، لكن من المتوقع أن تبدأ مرحلة الانتقال في معظمها على مدى العقدَين المقبلَين. ويفرض هذا التغيُّر السكاني السريع على الدول العربية تحديات التكيُّف معه تشريعياً واقتصادياً واجتماعياً وصحياً، فضلاً عن ضرورة إنشاء بيئة ملائمة له. وبُغية مواجهة هذه التحديات، لا بدّ للخطط والاستراتيجيات التنموية الوطنية من أن تراعي الاتجاهات الديمغرافية المتغيّرة لتهيئة ظروف أفضل للأجيال المقبلة. ويجب أن ينعكس هذا التغيُّر أيضاً على سياسات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل التنمية واستراتيجيات التحوّل الرقمي، لتصبح أكثر إدماجاً لجميع فئات المجتمع. ويقع على عاتق صانعي القرار وواضعي السياسات زيادة النفاذية إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من خلال استراتيجيات وطنية تشمل كبار السنّ، وبرامج تدريبية للمطوّرين والمستخدمين تشجع على تبني حلول رقمية وتطبيقات مبتكره قابلة للنفاذ بالنسبة إلى جميع فئات المجتمع، ولا سيّما كبار السنّ والأشخاص ذوي الإعاقة.