باء. كبار السنّ في عصر التكنولوجيات الجديدة: فوائد وتحديات

يسهم تطوّر التكنولوجيا، ولا سيّما تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتقدّم في مجال الرعاية الصحية الذي يعتمد على التكنولوجيات الجديدة، 
في الاستجابة لظاهرة التحوّل الديمغرافي. ويؤدي هذا التطوّر دوراً أساسياً في تحسين صحة كبار السنّ وزيادة انتاجيتهم وتشجيعهم على المشاركة في المجتمع بفعالية كما في رفع متوسط العمر المحدد للشيخوخة. وتسهِّل التكنولوجيا تعامل كبار السنّ مع الأمراض المزمنة من خلال الحصول على رعاية صحية بكلفة أقل وبجودة أفضل. وتبرز الأهمية القصوى لتعزيز نفاذية كبار السنّ إلى الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب ومواقع الويب والتطبيقات المخصّصة لهذه الفئة، فضلاً عن النفاذية إلى جميع منتجات التكنولوجيات الجديدة وتطبيقاتها. فتحسين النفاذية الرقمية لكبار السنّ تضمن لهم شيخوخة صحية وآمنة.

1. الفوائد

التكنولوجيات الجديدة تعود بالفائدة على جميع مستخدميها، وتساعد كبار السنّ منهم في البقاء في مكان سكنهم والتمتّع بحياة صحية ومنتجة ومستقلة وكريمة، كما أنها تمكنّهم من العمل والتعلّم والمشاركة في الحياة المدنية. وبالتالي، تقلّل النفاذية الرقمية من الحاجة إلى التنقّل من أجل الحصول على الخدمات الصحية والرعاية الصحية على المدى البعيد أو حتى الحصول على معلومات، ما يخفف من الأعباء المادية والجسدية على مقدِّم الخدمات من الجهة ومتلقيها من جهة أخرى. فمن فوائد النفاذية الرقمية إلى الأجهزة والتطبيقات الوصول إلى المعلومات بسرعة وسهولة، وهو ما يسهم في كسر حاجز المسافة وزيادة الإنتاجية والكفاءة.

وتسهم النفاذية الرقمية في تمكين كبار السنّ وتعزيز إدماجهم في المجتمع وتشجيعهم على المشاركة في سوق العمل واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وهي نشاطات من شأنها أن تسهِّل حياتهم اليومية وأن تشعرهم بالأمان مادياً وجسدياً، وتعزِّز ثقتهم واستقلاليتهم في متابعة شؤونهم الصحية على سبيل المثال.

2. التحديات

لا يخلو استخدام كبار السنّ للتكنولوجيات الجديدة من التحديات، ولا سيّما في المنطقة العربية، وذلك لأسباب اقتصادية. فكلفة النفاذية إلى الإنترنت واستخدام بعض التطبيقات مرتفعة، خاصة بالنسبة إلى كبار السنّ الذين يقطنون في أطراف المدن وفي المناطق النائية، حيث تكون تغطية الإنترنت ضعيفة ومرتفعة التكلفة، على اختلاف المدن الرئيسية التي تتركّز فيها معظم الخدمات الفنية الحديثة. والأمية الرقمية[1] عامل آخر يحد من الاستفادة من التكنولوجيا في البلدان العربية، ولا سيّما لدى كبار السنّ. فلا بدّ من أن تبادر المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني في تقديم دورات تعليمية لرفع كفاءة المستخدمين في التعامل مع تقنيات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ومحو الأمية الرقمية لدى كبار السنّ لجني فوائد التكنولوجيات الجديدة.

والحفاظ على خصوصية كبار السنّ وأمن معلوماتهم تحدي آخر، لا سيّما في المجال الصحي والمالي. فلا بدّ من أن تكون التقنيات المعتمدة قادرة على الحفاظ على الخصوصية وسرية المعلومات، وأن تكشف عن أي إجراءات قد تهدد الخصوصية أو تخترق الحسابات المالية، خاصة أن فئة كبار السنّ هي الأكثر عرضة لهذه الممارسات[2].

ومع أن التكنولوجيات الجديدة تساعد كبار السنّ في التواصل مع عائلاتهم وأصدقائهم ومقدِّمي الخدمات الصحية، فهي تؤدي في بعض الأحيان إلى الوحدة والعزلة والابتعاد عن النشاطات الاجتماعية الوجاهية. وتُظهر دراسات أن نسب إدمان كبار السنّ على الإنترنت مرتفعة وقد تخلّف آثاراً سلبية على صحتهم وتؤدي إلى عزلتهم[3].