جهات التنسيق

المادة 33 (1)

تعين الدول الأطراف، وفقا لنهجها التنظيمية، جهة تنسيق واحدة أو أكثر داخل الحكومة تعنى بالمسائل المتصلة بتنفيذ هذه الاتفاقية...

تقتضي المادة 33 (1) من الحكومات أن تعيّن جهة تنسيق واحدة على الأقل تضطلع بالمسؤولية الكلية عن تنفيذ البلد المعني للاتفاقية. وبعبارة أخرى، تمثل جهة التنسيق الطرف الفاعل المركزي داخل الحكومة المناط به ضمان التنفيذ الكامل والفعال والمنسّق لمختلف أحكام الاتفاقية. 

اختيار جهات التنسيق

يوصَى بأن تعيّن الدول الأطراف جهات التنسيق التابعة لها على أعلى مستوى حكومي، بحيث تكون لها السلطة والنفوذ السياسي الكافيان لضمان تنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتنسيقها تنسيقاً فعالاً.[1] وفي العديد من البلدان، سبق وأُنشئت بالفعل جهات تنسيق بموجب قواعد الأمم المتحدة الموحدة بشأن تحقيق تكافؤ الفرص للأشخاص ذوي الإعاقة والتي اعتُمدت في عام 1993،[2] حيث دُعيت الدول الأطراف إلى إعادة تصميم هياكل جهات التنسيق القائمة بدلاً من إنشاء هياكل جديدة.

وللدول الأطراف حرية كبيرة في اختيار الشخص أو الكيان الذي سيضطلع بدور جهة التنسيق: "قد تكون جهة التنسيق قسماً أو شخصاً داخل وزارة أو مجموعة وزارات، أو مؤسسة، كلجنة الإعاقة، مثلاً، أو وزارة معينة، كوزارة حقوق الإنسان أو وزارة شؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، أو مجموعة من الأشكال الثلاثة".[3] وغالباً ما يتم اختيار وزارات الشؤون الاجتماعية كجهات تنسيق، وهو ما يعكس جزئياً خبرة هذه الوزارات على صعيد قضايا الإعاقة. ويضاف إلى ذلك العلاقات القوية التي تجمعها مع المؤسسات ذات الصلة ومنظمات المجتمع المدني، فضلاً عن أنها غالباً ما تولّت عملية التصديق على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على الصعيد الوطني.[4]

ويرى بعض الخبراء أن الوزارات المسؤولة عن العدالة وحقوق الإنسان قد تمثل جهات تنسيق أكثر ملاءمة لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.[5]ومن هذا المنظور، يعكس تعيين وزارات الشؤون الاجتماعية في هذا الدور تبني نهج أكثر تقليدية يقوم على التعامل مع الإعاقة من منطلق تقديم الرعاية، في حين أن تعيين الوزارات المسؤولة عن إعمال العدل وحقوق الإنسان يعكس بشكل أوضح تركيز اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على مسألة حقوق الإنسان بنطاقها الأوسع.[6]وعلى الرغم من هذه التوصية، "لم تعين دولة واحدة [...] وزارة العدل [كجهة تنسيق]، ولا حتى إلى جانب وزارة الشؤون الاجتماعية".[7]

والخيار الآخر المتاح للدول الأطراف يكمن في إسناد دور جهة التنسيق إلى مكتب الرئيس أو رئيس الوزراء، أو إنشاء حقيبة وزير دولة لشؤون الإعاقة.[8] ولهذا الخيار مزايا إضافية تتمثل في المنصب الرفيع والمركزي داخل الحكومة، مما يمكّنها بشكل خاص من تنسيق الإجراءات الحكومية. وفي هذه الحالات، تبرز الحاجة إلى وجود ما يكفي من موارد بشرية وخبرة تقنية لضمان جاهزية جهة التنسيق لإنجاز جميع المتطلبات المبينة في المادة 33(1).

وفي الحالات التي لا تُعيّن فيها سوى جهة تنسيق واحدة، تكون أدوار هذه الجهة ومسؤولياتها واضحة تماماً. غير أن بعض الدول الأطراف تختار تعيين عدة جهات تنسيق يمكن توزيعها أفقياً (أي عبر الهيئات والمؤسسات الحكومية)، أو رأسياً (أي على صعيد المناطق والصعيد المحلي) أو على الشكلين. ففي ليتوانيا، على سبيل المثال، تم تعيين عشر جهات تنسيق مختلفة على نطاق عدة وزارات.[9] ولدى النمسا جهات تنسيق في جميع ولاياتها الاتحادية التسع، بالإضافة إلى جهة التنسيق الوطنية (الوزارة الاتحادية للعمل والشؤون الاجتماعية وحماية المستهلك).[10] ويمكن لهذه التشكيلات القائمة على جهات تنسيق متعددة أن تكون نافعة، لأنها تمكن الدول من تجميع المهام المناطة بالجهات الفاعلة المختلفة ومواردها وخبراتها. وفي الوقت نفسه، من الضروري تقسيم العمل والمسؤوليات تقسيماً واضحاً، وهو أمر يمكن تحقيقه، على سبيل المثال، من خلال تعيين جهة تنسيق رئيسية تتولى عملية التنسيق العام والرقابة والتعزيز على صعيد تنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

المهام

في إطار الولاية العامة لجهات التنسيق المتمثلة في تولي تنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على المستوى الوطني، يمكن أن يشمل عمل هذه الجهات مجموعة متنوعة من الوظائف المختلفة (انظر الإطار 1). وتتولى جهات التنسيق مسؤولية تنسيق إجراءات الحكومة الهادفة إلى تنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل عام ، بما في ذلك الإجراءات التي تتخذها الوزارات ذات الصلة. وبالنظر إلى ضخامة هذه الوظيفة، تختار حكومات كثيرة تعيين آلية تنسيق أيضاً، وسيجري استعراض آليات التنسيق بتعمق في القسم التالي.

وعلى الرغم من أن مهام جهات التنسيق تتباين بحسب اختلاف البلدان، فمن المستحسن بشكل عام ألا تضطلع جهات التنسيق (ولا سيما جهات التنسيق الرئيسية) في تقديم الخدمات بشكل مباشر:

"ينبغي أن تركز ولاية جهة التنسيق بوضوح على وضع وتنسيق سياسة وطنية متماسكة بشأن الاتفاقية. ولذلك ينبغي لجهات التنسيق أن تشجع الحكومات وترشدها وتقدم لها المعلومات والمشورة بشأن المسائل المتصلة بتنفيذ الاتفاقية ولكن يمكن القول بألا يقتصر تنفيذها على خدمات الدعم للمعوقين".[11]

وبعبارة أخرى، ينبغي لجهات التنسيق أن تتجنب الخلط بين ولاياتها وأن تترك تقديم الخدمات للوزارات المنفذة. ومع ذلك، تتجلى صعوبة تحديد هذا الخط الفاصل عندما تكون جهة التنسيق في بلد ما هي بحكم الواقع وزارة منفذة، مثل وزارة الشؤون الاجتماعية. وفي هذه الحالات، يجب على الدول أن تضع استراتيجيات لتقسيم العمل بوضوح، بحيث يتسنى لجهة التنسيق تنفيذ ولايتها بفعالية.

الإطار 1. قائمة بالمهام المحتملة لجهات التنسيق المذكورة في المادة 33 (1)

  1. القيام بدور جهة الاتصال ما بين اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والجهات الفاعلة ذات الصلة، وتشمل هذه الوزارات والإدارات الحكومية؛ والهيئات الحكومية على صعيد المناطق وعلى الصعيد المحلي؛ والأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات التي تمثلهم؛ ومنظمات المجتمع المدني الأخرى؛ والأطر التي أنشِئت بموجب المادة 33 (2) من الاتفاقية؛ والمنظمات والهيئات الدولية مثل لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
  2. تنسيق عمل مختلف الوزارات والإدارات فيما يتعلق بحقوق الإنسان والإعاقة، وعلى مختلف مستويات الحكومة (الوطني وعلى مستوى المناطق والمحلي، وما إلى ذلك).
  3. بناء القدرات داخل الحكومة بشأن القضايا المتصلة بالإعاقة وتنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
  4. إسداء المشورة إلى المسؤولين الحكوميين بشأن وضع السياسات والقوانين والبرامج والمشاريع بالنظر إلى أثرها على الأشخاص ذوي الإعاقة.
  5. تنقيح الاستراتيجيات والسياسات لضمان احترام حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
  6. صياغة أو تنقيح أو تعديل التشريعات ذات الصلة.
  7. إذكاء الوعي بشأن اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها الاختياري داخل الحكومة ولدى عامة الناس.
  8. ضمان ترجمة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها الاختياري إلى اللغات المحلية وإصدارهما في أشكال يسهل الاطلاع عليها.
  9. وضع خطة عمل للتصديق على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة و/أو تنفيذها ورصد تنفيذ خطة العمل هذه.
  10. تنسيق إعداد التقارير الأولية والدورية التي تقدمها الدولة إلى لجنة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
  11. ضمان جمع البيانات والإحصاءات وتنسيق ذلك.
  12. ضمان مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في وضع السياسات والقوانين التي تمسهم، بما في ذلك عن طريق إنشاء منتدى دائم للمناقشة أو التشاور.
  13. تعزيز مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع المدني وتشجيع إنشاء منظمات للأشخاص ذوي الإعاقة.

 

جمعتها المؤلفتان استناداً إلى: إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية وآخرون، 2007، الصفحات 95-96؛ Mental Disability Advocacy Center (مركز الدفاع عن المعوقين عقلياً)، 2011، p. 26.


[1]دراسة مواضيعية أعدتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان بشأن هيكل ودور الآليات الوطنية المعنية بتنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ورصد تنفيذها (A/HRC/13/29)، الصفحة 7؛ إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية وآخرون، 2007، الصفحة 84؛ Mental Disability Advocacy Center (مركز الدفاع عن المعوقين عقلياً)، 2011، p. 28؛ De Beco and Hoefmans, 2013, p. 24.

[2]انظر "القواعد الموحدة بشأن تحقيق تكافؤ الفرص للأشخاص ذوي الإعاقة" (A/RES/48/96)، القاعدة 17.

[3] إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية وآخرون، 2007، صفحة 94

[4] De Beco, 2015, p. 16.

[5] دراسة مواضيعية أعدتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان بشأن هيكل ودور الآليات الوطنية المعنية بتنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ورصد تنفيذها (A/HRC/13/29)، الصفحة 7؛ De Beco and Hoefmans, 2013, p. 20.

[6]دراسة مواضيعية أعدتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان بشأن هيكل ودور الآليات الوطنية المعنية بتنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ورصد تنفيذها (A/HRC/13/29)، الصفحة 7.

[7]De Beco, 2015, p. 17.

[8]دراسة مواضيعية أعدتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان بشأن هيكل ودور الآليات الوطنية المعنية بتنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ورصد تنفيذها (A/HRC/13/29)، الصفحة 7؛ Mental Disability Advocacy Center (مركز الدفاع عن المعوقين عقلياً)، 2011، p. 94؛ de Beco and Hoefmans, 2013, p. 24.

[9]De Beco, 2011b, p. 30.

[10]التقرير الأولي للنمسا عن تنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD/C/AUT/1) صفحة 51.

[11]دراسة مواضيعية أعدتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان بشأن هيكل ودور الآليات الوطنية المعنية بتنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ورصد تنفيذها (A/HRC/13/29)، الصفحة 7؛