جدول المحتويات:
التحديات المحتملة الأخرى التي تواجه البلدان العربية
البيانات والإحصاءات المتعلقة بالإعاقة
إن توافر البيانات يقع في محور عملية وضع السياسات المستنيرة، ومن ضمن ذلك تنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ورصدها. ومن شأن الإحصاءات الموثوقة عن الإعاقة تمكين جهات التنسيق وآليات التنسيق من تحديد الأولويات والاحتياجات والثغرات في ما تبذله من جهود على صعيد تنفيذ الاتفاقية، فضلاً عن رصد أثر السياسات والبرامج الحكومية بشكل فعال. وتساعد إحصاءاتُ الإعاقة أطرَ الرصد على تحسين فهم حالة الأشخاص ذوي الإعاقة على أرض الواقع وتحديد ما قد يقع من خروقات أو انتهاكات للاتفاقية.
إن توافر إحصاءات موثوقة ودقيقة عن الإعاقة في المنطقة العربية آخذ في التحسن، إذ تمتثل منهجيات جمع البيانات بشكل متزايد للمعايير الدولية التي تم تحديدها من خلال المجموعة القصيرة من أسئلة فريق واشنطن المعني بإحصاءات الإعاقة، وهي تتطور باتجاه إدراج أبعاد إضافية.[1] رغم ذلك، لا تزال تعريفات الإعاقة تستند إلى النموذج الطبي للإعاقة، مما يحد من نوعية البيانات الإدارية وقابليتها للمقارنة ودقتها، وهذه العناصر هي الأساس الذي يقوم عليه وضع تدخلات السياسة العامة. وفي الجهود الأخيرة لجمع البيانات في الأردن، والمغرب، واليمن، أدّت المسوحات التي استخدمت الأسئلة الموحدة لفريق واشنطن إلى ارتفاع كبير في الأرقام المرتبطة بمعدل انتشار الإعاقة، فضلاً عن أنها أثمرت بيانات وفيرة ومفصلة حول العقبات التي تحول دون مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة.[2]واستخدمت تونس، والعراق، وعمان، وفلسطين، وقطر، ومصر مجموعة أسئلة بديلة لأسئلة فريق واشنطن. ويُستبشر خيراً كذلك بالإطار الجديد لجمع البيانات في المنطقة الذي وضعه المرصد الوطني للتنمية البشرية في المغرب.
وتنقّح عدة بلدان عربية حالياً إجراءاتها المتعلقة بتقييم الإعاقة وتحديدها في سبيل تحسين الامتثال للمعايير الدولية لتقييم الإعاقة، مثل التصنيف الدولي للأداء والإعاقة والصحة.
وهذه الإصلاحات وغيرها ضرورية وآن أوانها، ليس فقط في سبيل تنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ورصدها، بل أيضاً من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2019، أطلقت الإسكوا إطاراً عربياً لمؤشرات الإعاقة، سيتيح رصد الإعاقة على صعيد جميع أهداف التنمية المستدامة.[3] يعني ذلك أن على البلدان مواصلة العمل من أجل تعزيز بياناتها الوطنية المتعلقة بالإعاقة، الأمر الذي سيتطلب توظيف قدر كبير من الخبرات التقنية والموارد والتعاون.
منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة في المنطقة العربية
كما ذُكر آنفاً، إن إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة ومنظمات الأشخاص ذوي الإعاقة ملزم للدول الأطراف بموجب المادة 33، فضلاً عن أهميته في وضع السياسات بأسلوب فعال وتشاركي. ويحمل هذا دلالات هامة في المنطقة العربية، حيث شهدت مشاركة المجتمع المدني تغيرات كبيرة، لا سيما خلال السنوات الأخيرة.
وتتباين حركات منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة عبر أنحاء المنطقة. وثمة أعداد كبيرة من منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة في عدة بلدان، وتنشط هذه على صعيد السياسة العامة منذ زمن بعيد. وهذا هو الحال بصفة خاصة في تونس، ولبنان، والمغرب، وكذلك في الأردن ومصر. وفي بلدان عربية أخرى، لا تزال هذه الحركات في بداياتها، ولا تزال قدراتها وفرصها للمشاركة في عمليات وضع السياسات محدودة.[4] وفي كثير من الحالات، نشأت منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة كجهات مقدمة للخدمات لسد الثغرات التي خلفها القطاع العام. وفي حالات أخرى، أدت التطورات على الساحات الوطنية والدولية إلى إنشاء منظمات جديدة. فعلى سبيل المثال، وجدت منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة في تونس حيزاً جديداً للانخراط في قضايا السياسة العامة في أعقاب الانتفاضة التي شهدتها البلاد في عام 2011، في حين شهدت مصر نمواً في الحركة المرتبطة بمنظمات الأشخاص ذوي الإعاقة بالتزامن مع عملية صياغة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.[5]
وفي الوقت الذي تسعى فيه البلدان إلى توطيد مشاركة منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة في عمليات وضع السياسات، بما في ذلك في سياق التزاماتها بموجب المادة 33، ينبغي مراعاة بعض الاعتبارات الأولية. أولاً، ينبغي للدول أن تعتمد استراتيجيات لضمان تمثيل الأشخاص ذوي الإعاقة في تنفيذ الاتفاقية على نطاق واسع. والحركات الوطنية لمنظمات الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم العربي متنوعة وغير متجانسة، ولكن لا زال تمثيل بعض الفئات المحددة في الغالب ناقصاً، مثل الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، والنساء، وسكان الريف، واللاجئين ذوي الإعاقة.[6] وعلى هذا النحو، قد يتعين على جهات التنسيق وآليات التنسيق وأطر الرصد المستقلة إنشاء قنوات متعددة للمشاركة، وتصميم هذه القنوات بطريقة تتيح الوصول إلى هذه الفئات المهمشة تقليدياً. فعلى سبيل المثال، قد يفضي تنظيم مشاورات عامة على مختلف المستويات (مثل المناطق الريفية ومستوطنات اللاجئين) إلى زيادة فرص استشارة وإشراك طائفة أوسع من الأشخاص ذوي الإعاقة ومنظمات الأشخاص ذوي الإعاقة. وقد تنظر الدول أيضاً في توفير المساعدة في مجال بناء قدرات منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة ومساعدتها مالياً، لتمكينها من المشاركة في عمليات وضع السياسات والرصد على نحو أفضل.
ثانياً، قد ترغب منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة في استكشاف إمكانية بناء اتحادات وطنية أو شبكات جامعة خاصة بها، أو تعزيز القائم منها، الأمر الذي يمكن أن يرفع إلى حد كبير من سوية تعاونها مع الأطر الحكومية القائمة بموجب المادة 33.[7] إن تأسيس الاتحادات أو تعزيز نشاطها قد يمثل فرصة للحد من ما قد يحصل من تجزؤ داخل الحركات الوطنية المعنية باتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، أو التصدي له، ومن شأن ذلك الإسهام في إقامة شراكات مثمرة والمشاركة في عمليات تنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ورصدها. غير أنه من الضروري لدى استكشاف هذه الخيارات الالتفات إلى النقطة التي أشيرَ إليها في الفقرة السابقة بشأن الحاجة إلى توسيع نطاق التمثيل، إذ يتعين أن يشمل التمثيل مختلف فئات الأشخاص ذوي الإعاقة لكي يكون فعالاً وشاملاً حقاً.