رصد الاستراتيجيات الوطنية للإعاقة في المنطقة العربية

أصدرت 13 دولة من أصل 22 دولة في المنطقة العربية[1] استراتيجيات وطنية للإعاقة، إما كاستراتيجيات عامة للإعاقة أو استراتيجيات متخصصة، مثل "الاستراتيجية الوطنية للتوحد" في قطر أو "استراتيجية السودان لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في التعليم العالي والبحث العلمي". ويمكن مراجعة المخطط الكامل للاستراتيجيات الوطنية للإعاقة في المنطقة العربية في المرفق 1.

وبذلك، تُتاح للدول التسع[2] التي لم تضع استراتيجيات وطنية للإعاقة فرصةَ التعلّم من تجارب جيرانها في المنطقة وبناء استراتيجيات تستجيب لسياقها واحتياجاتها المحلية.

كذلك، تكشف مراجعة الاستراتيجيات الوطنية الـ 13 القائمة للإعاقة، إلى جانب مراجعة الملاحظات الختامية للجنة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، عن عدد من الجوانب الإيجابية وبعض الفرص للتحسين والتطوير. وفيما يلي بعض اللمحات الموجزة بناءً على هذه المعطيات:

1. الالتزام بنهج حقوق الإنسان في فهم الإعاقة

تبيّن الاستراتيجيات الوطنية للإعاقة في المنطقة العربية التزاماً متزايداً بنهجٍ قائمٍ على حقوق الإنسان لفهم الإعاقة، كما تبيّن التقدم المحرز في التغييرات التشريعية التي تضمن الدمج الاجتماعي وحظر التمييز. إضافةً إلى ذلك، تدعم هذه الاستراتيجيات التنفيذ الوطني وآليات الرصد لضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إما من خلال المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان أو من خلال اللجان أو المجالس المخصصة للإعاقة.

2. تحسين آليات التنفيذ والتقييم للاستراتيجيات الوطنية للإعاقة

توصي لجنة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على نحوٍ متكرّر بضرورة تحسين تدابير تنفيذ وتقييم هذه الاستراتيجيات، لا سيّما أن مدّة العمل ببعضها قد انتهت وستعمل البلدان على تحديثها أو إنشاء استراتيجيات جديدة.

أ. التحدي الناجم عن الحروب وعدم الاستقرار

تجدر الإشارة هنا إلى أن الصراعات والهشاشة السياسية لا تزال تمثل تحدياً لبلدان المنطقة لتطوير استراتيجيات جديدة أو تحديث الاستراتيجيات القائمة. وهذا واضح في اليمن، حيث تم تطوير "الاستراتيجية الوطنية للإعاقة" للفترة 2014-2018[3]. ولكنّ الصراع المستمرّ قد ولّد تحديات في وجه تنفيذ وتحديث هذه الاستراتيجية. كذلك، يؤثر عدم الاستقرار السياسي في بلدان أخرى، مثل ليبيا والسودان، على فعالية مؤسسات الحوكمة، وهي ضرورية لتطوير وتنفيذ استراتيجيات وطنية للإعاقة.

ب. منهجية تشاركية ودامجة

في استبيان أرسلته الإسكوا إلى نقاط اتصال فريق خبراء الإعاقة[4]، أشارت سبع دول (هي الأردن والبحرين والجمهورية العربية السورية وقطر والمغرب والمملكة العربية السعودية واليمن)، إلى أن استراتيجيات الإعاقة الوطنية قد طُوّرت وفق منهجية تشاركية دامجة. فتمت استشارة مختلف الهيئات الحكومية والمنظمات غير الحكومية ومنظمات الأشخاص ذوي الإعاقة. وهذا اتجاه إيجابي يتماشى مع تركيز اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على نهجٍ تشاركي ودامج.

3. عدم إدماج الإعاقة في خطط الاستجابة للكوارث وحالات الطوارىء

ثمّة حاجة إلى اعتماد نهجٍ دامج للإعاقة في تصميم وتنفيذ استراتيجيات الاستجابة للكوارث وحالات الطوارئ. وقد لوحظت هذه الفجوة في العديد من الملاحظات الختامية للجنة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وهي أحد الدروس المستفادة من تجارب الاستجابة لجائحة كوفيد-19. والسبب الجذري لهذه الفجوة هو نقص الوعي بأهمية إدماج حاجات الأشخاص ذوي الإعاقة في الخطط الوطنية للاستجابة للكوارث والطوارئ. وهذا الوعي شرط ضروري لتخصيص الموارد والقدرات اللازمة. وتصميم نهجٍ شامل للإعاقة للاستجابة للكوارث والطوارئ يمكن أن يتّبع إطار سينداي للحدّ من مخاطر الكوارث 2015-2030 الذي يؤكد على أهمية دمج منظور الإعاقة. هذا بالإضافة إلى الإشراك الفاعل للأشخاص ذوي الإعاقة أنفسهم والمنظمات التي تمثلهم في مراحل التصميم والتنفيذ وفق مبدأ "لا غنى عنا في المسائل التي تخصنا".

4. فرص تحسين التعليم الدامج للأشخاص ذوي الإعاقة

هناك فرص لتحسين التعليم الدامج، إن عن طريق الاستراتيجيات الوطنية للإعاقة أو عن طريق تعميم دمج الإعاقة في خطط التعليم الوطنية. ولا يزال التعليم المنعزل للأطفال ذوي الإعاقة يمثل تحدياً في المنطقة. وثمة حاجة إلى التحرك نحو بيئات تعليمية مدمجة ضمن نظام التعليم العام، ممّا يتطلب وضع البرامج والسياسات والاستثمار في تكنولوجيا التعليم الدامج والمناهج والتدريب. وقد شهدت المنطقة تجارب مهمة في هذا الصدد. فعلى سبيل المثال، أطلق الأردن "الاستراتيجية العشرية للتعليم الدامج" للأعوام 2019-2029. تعتمد هذه الاستراتيجية على نهج تدريجي في نظرية التغيير وتركز على التغييرات التشريعية، وزيادة الوعي، وإمكانية الوصول، والترتيبات التيسيرية المعقولة، والموارد البشرية والقدرات، وإدماج الأطفال الذين يُستبعدون عادة من التعليم، والتركيز على البحث وجمع البيانات[5].

5. فرص تحسين الصحة الدامجة للأشخاص ذوي الإعاقة

هناك فرص لتحسين الصحة الدامجة، إن عن طريق الاستراتيجيات الوطنية للإعاقة، أو عن طريق تعميم دمج الإعاقة في الخطط الصحية الوطنية. وهذا من شأنه أن يضمن الحصول على الرعاية الصحية لجميع الأشخاص ذوي الإعاقة، وخاصة النساء وأولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية. كما أن هناك حاجة إلى توفير تدريب دامج للإعاقة للموظفين الطبيين على نهج حقوق الإنسان في التعامل مع الإعاقة. بالإضافة إلى ذلك، هناك فرص لاعتماد مقاربة التنمية المجتمعية (CBID) في المنطقة[6]. ويمكن استبدال النهج الطبي المركزي القديم لإعادة التأهيل، بمقاربة التنمية المجتمعية الدامجة التي تتّسم بكونها أشمل وبارتكازها على الأشخاص، كما أنّها تعتمد على نهجٍ محلي لضمان إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في مجتمعهم ووصولهم إلى حقوقهم على قدم المساواة مع غيرهم، في مجالات الصحة والتعليم والتوظيف والرياضة والترفيه وما إلى ذلك[7].

6. الحاجة إلى الاستثمار في إمكانية الوصول والإدماج الرقمي

على الرغم من التقدم التشريعي والسياساتي لضمان إمكانية الوصول إلى البيئة المبنية الرقمية في المنطقة، لا تزال هناك فجوات، لا سيما عند النظر في التجارب اليومية التي يعيشها الأشخاص ذوي الإعاقة. فإن ضمان إمكانية الوصول إلى جميع المرافق والأماكن العامة والخاصة ووسائل النقل والوصول إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بالإضافة إلى كونه حقاً من حقوق الإنسان، له أيضاً فوائد اجتماعية واقتصادية. فإمكانية الوصول تفيد كل فرد في المجتمع وتضمن الاندماج الاجتماعي، هذا إلى جانب العوائد الاقتصادية التي تحققها النفاذية الرقمية، حيث إنها تفتح قطاعات غير مستغلة في السوق وتحفز الابتكار[8].


 [1] تشمل هذه الدول: الأردن، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والجمهورية العربية السورية، والسودان، وعُمان، ودولة فلسطين، وقطر، ولبنان، ومصر، والمغرب، والمملكة العربية السعودية، واليمن.

[2] تشمل هذه الدول: تونس، والجزائر، وجزر القمر، وجيبوتي، والصومال، والعراق، والكويت، وليبيا، وموريتانيا.

[4] استبيان الإسكوا بشأن "الاستراتيجيات الوطنية للإعاقة في المنطقة العربية" الذي أُرسل إلى أعضاء فريق الخبراء بين الدورات المعني بالإعاقة، في تشرين الأول/أكتوبر 2021.

[7] تتمتّع دولة فلسطين، بين سائر دول المنطقة، بخبرة واسعة في برامج إعادة التأهيل المرتكزة على المجتمع: https://www.unrwa.org/sites/default/files/content/resources/unrwa_disability_inclusion_report_2020_final.pdf.