موجز تنفيذي

ﺍﻟﻨﻔﺎﺫﻳﺔ ﺍﻟﺮﻗﻤﻴﺔ هي أحد أبعاد الإدماج الرقمي، وﺗشير إلى ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ، ﺑﻤﻦ ﻓﻴﻬﻢ كبار السنّ وﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺫﻭو ﺍﻹﻋﺎﻗﺔ، للمنصّات ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺮﻗﻤﻴﺔ والخدمات الإلكترونية. وأصبحت النفاذية الرقمية من أساسيات العمل في مختلف المجالات، وشرطاً للحصول على الخدمات. وتعود أهميتها إلى توسّع الخدمات الرقمية لتشمل مواقع وخدمات وتطبيقات حكومية، ودخول القطاع الخاص دائرة تقديم الخدمات العامة بما في ذلك الخدمات المالية والصحية والتعليمية والتأهيلية وخدمات النقل، فضلاً عن الخدمات المتعلقة بالاستهلاك بما في ذلك التسوّق. وانطلاقاً من الموقف العالمي والالتزام بتكثيف الجهود الإنمائية وعدم إهمال أحد، سارعت منظمة الأمم المتحدة إلى تبني مفهوم "النفاذية الرقمية" لمساعدة الدول على أن يصبح مسارها التنموي مستلهماً لمفهوم الشمول[1].

تتيح التكنولوجيا الرقمية أمام كبار السنّ والأشخاص ذوي الإعاقة بدائل تيسّر نفاذهم إلى الخدمات الحكومية والمعلومات ضمن بيئة رقمية تعزِّز إدماج الجميع، فتسهم في الحفاظ على استقلاليتهم وكرامتهم.

وتتمثل النفاذية الرقمية في سهولة وصول جميع المستخدمين، على اختلاف قدراتهم الجسدية وفئاتهم العمرية، إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فيتعرّفون على طريقة استخدام أجهزة الاتصالات وتصفّح مواقع الويب والوصول إلى المنصّات والتطبيقات والخدمات الرقمية. والنفاذية الرقمية هي من أهم المقومات التي تدعم الثورة التكنولوجية في تحقيق الإدماج الرقمي والمساواة، لا سيّما للأشخاص الذين لديهم أي إعاقة تحدّ من استخدامهم لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وتحسن الإرشادات بشأن النفاذية الرقمية من فهم مصمّمي ومطوّري المنتجات الرقمية لأساسيات تصميم وبرمجة التطبيقات ومواقع الويب لتعزيز النفاذية إليها، بالاستناد إلى أفضل المبادئ والممارسات والمعايير الدولية المعتمدة والقابلة للتطبيق.

وتضيف هذه الوثيقة إلى المنصة العربية للإدماج الرقمي التي أطلقتها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) إرشادات بشأن النفاذية الرقمية لكبار السنّ، تتماشى إلى حد بعيد مع الإرشادات بشأن تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك بالنظر إلى التشابه المحتمل بين الحالات مثل الصعوبة في الحركة والضعف في السمع والنظر والتغيُّرات الاجتماعية والعاطفية والعقلية والجسدية، وكلها عوامل تصعّب الوصول إلى الخدمات والمعلومات.

وحققت النفاذية الرقمية تقدّماً هائلاً، فأصبحت تغطي نفاذية الأشخاص ذوي الإعاقة في المنطقة العربية إلى الويب والتطبيقات الذكية ومواقع التواصل الإجتماعي التي تُستخدَم عبر الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، وغيرها من الأجهزة الإلكترونية، إلا أن النفاذية الرقمية لكبار السنّ لم تحظَ تشريعياً بالكثير من الزخم، ولا تزال السياسات والمبادرات المحلية ذات الصلة محدودة إلى حد بعيد.

وتقدّم هذه الوثيقة لمحة عن التوجّهات السكانية في المنطقة العربية والعالم، لتظهر أن النموّ السكاني قد يتضاعف في السنوات الثلاثين المقبلة في البلدان العربية ذات الكثافة السكانية، مثل مصر والعراق، وبنسب أقل في بلدان مثل لبنان وتونس. وتقدّر دراسات دولية الفترات التي من المتوقع أن ينتقل فيها السكان في مختلف البلدان العربية إلى مرحلة الشيخوخة.

وتستعرض الوثيقة متطلبات كبار السنّ عند استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخدمات الإلكترونية. وفي هذا السياق، تحدد ست قدرات وظيفية أساسية تتراجع مع التقدّم في السنّ، فتؤثر سلباً على استخدام كبار السنّ لمنتجات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وبناءً على هذه المحددات، جرى تأطير الإرشادات الفنية للنفاذية الرقمية لكبار السنّ، وهي النتائج الرئيسية التي تمّ التوصل إليها في هذة الدراسة.

وثمة تكنولوجيات ناشئة لديها إمكانات واعدة في تحسين نوعية حياة كبار السنّ، وزيادة اعتمادهم على الذات، وخفض تكلفة رعايتهم الصحية، وذلك من خلال رفع النفاذية الرقمية إلى مواقع الويب وإلى التطبيقات التي تتيح المعلومات والخدمات. وتستعرض الوثيقة التكنولوجيات الناشئة وتطبيقاتها، مثل الذكاء الاصطناعي، والواقع الافتراضي، والواقع المعزز، والواقع المدمج، والروبوتات، التي من شأنها أن تعزِّز نفاذية كبار السنّ والأشخاص ذوي الإعاقة.

وتعرض الوثيقة دراسات حالة بشأن النفاذية الرقمية لتمكين كبار السنّ على المستويَين الدولي والإقليمي. وتبيّن أن النفاذية الرقمية في بلدان الاتحاد الأوروبي سجلت ارتفاعاً من 7.6 في المائة في عام 2020 إلى 18 في المائة في عام 2021، وذلك نتيجة للتعديلات التي أُجريت على مواقع الويب وخطة العمل التي نفِّذت استكمالاً لقانون النفاذية الأوروبي لعام 2019. أما الدراسات التي أُجريت في قطر وعُمان والمملكة العربية السعودية، فتُظهر اهتماماً واسعاً بنفاذية كبار السنّ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

واستقت الدراسة بعض نماذج نفاذية كبار السنّ إلى التكنولوجيات من مبادئ النفاذ إلى محتوى الويب 2.1، التي اعتُمدت عربياً ودولياً لجميع مواقع الويب والتطبيقات والمنصّات التي تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وحُددت إرشادات المستوى الأدنى من الوظائف المهمة لنفاذية كبار السنّ، الذي يضم 13 إرشاداً من مستويي الإمتثال الأول والثاني. وثمة 15 إرشاداً اضافياً من المستويين الأول والثاني، تتعلق جميعها بمؤشرات الحاجة عند كبار السنّ. ووضع أيضاً 13 إرشاداً صارماً من مستوى الإمتثال الثالث، بالإضافة إلى 4 إرشادات مهمة من النسخة الحديثة لمبادئ النفاذ إلى محتوى الويب 2.2. ولتُعتمد هذه الإرشادات من مصمّمي ومطوّري المنتجات الرقمية، أُدرجت مجموعة تنتمي إلى "المستوى الأدنى من متطلبات النفاذية"، تتماشى مع الإرشادات التي قُدّمت في هذه الوثيقة.  


[1].    https://www.unescwa.org/ar/publications/نموذج-الإسكوا-السياسة-الوطنية-النفاذية-الرقمية-المنطقة-العربية.