موجز تنفيذي

تؤكّد اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على أن جميع حقوق الإنسان، المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، تشمل الأشخاص ذوي الإعاقة تماماً كما تشمل الآخرين من غير ذوي الإعاقة. وتدعو إلى النظر إلى الإعاقة ليس كمجرد حالة صحية، بل أيضاً  باعتبارها نتيجة عوائق موجودة في المحيط  المادي والاجتماعي. ومنذ عام 2006، وقّعت جميع الدول الأعضاء في الإسكوا على الاتفاقية، في ظلّ التزام متزايد في المنطقة بتنفيذ بنودها. وفي هذا الإطار، دلّ الاهتمام الكبير الذي ناله تقرير الإسكوا الصادر في عام 2014

 بعنوان الإعاقة في المنطقة العربية: لمحة عامة، والذي شكّل محاولة أولى لجمع البيانات ذات الصلة بالإعاقة في البلدان العربية وتحليلها، على تنامي زخم الحركة المناصرة لذوي الإعاقة في هذا الجزء من العالم. 

ويصدر هذا التقرير ليدفع باتجاه تحقيق مزيد من الزخم. ويتضمّن أحدث البيانات عن الأوضاع في الأردن وتونس والعراق ومصر والمغرب والمملكة العربية السعودية وموريتانيا واليمن. أما باقي البلدان التي شملها التحليل، فلم تُحدّث بياناتُها منذ عام 2014، ولكن جرى التحقق منها وتصنيفها بمزيد من الشمول والدقة. ومن الواضح أن بلدان الإسكوا بذلت جهوداً كبيرة خلال السنوات الأخيرة لتعزيز توافر ونوعية البيانات المتعلقة بالإعاقة. واعتمد العديد منها طريقة قياس الإعاقة التي أوصى بها فريق واشنطن المعني بإحصاءات الإعاقة، والتي تقيّم الصعوبة التي يواجهها الشخص لدى أداء ستة أنشطة بشرية أساسية (وهي البصر، والسمع، والتنقّل، والإدراك، والرعاية الذاتية، والتواصل). ورغم ذلك، لا يزال بعض القيود قائماً ويحدّ من إمكانية مقارنة البيانات.

وتتراوح معدلات انتشار الإعاقة في المنطقة بين 0.2 في المائة في قطر و5.1 في المائة في المغرب، وتبدو منخفضة جداً مقارنةً بها في المناطق الأخرى. ولهذا الانخفاض أسباب عدة. فعلاوة على المسائل المنهجية المتصلة بجمع البيانات، قد يُعزى هذا التفاوت إلى أن عدداً كبيراً نسبياً من سكان المنطقة هم من الشباب، وبالتالي أقل عرضة للإصابة بالإعاقة. وفي بعض البلدان، قد يفسّر أيضاً انخفاض معدلات الإصابة بالإعاقة بوجود عدد كبير من العمال المهاجرين. إلا أنّ كلاً من تهرّم والصراعات الجارية في المنطقة سوف يؤدي على الأرجح إلى ارتفاع هذه المعدلات في المنطقة خلال السنوات المقبلة. وتُظهر البيانات أنّ النساء أقلية  في فئة الشباب ذوي الإعاقة ولكن أغلبية بين كبار السن ذوي الإعاقة. ومن الأسباب المحتملة لذلك ما يُسمى بمفارقة "الصحة والبقاء" ومفادها أن المرأة تعمّر أكثر من الرجل، إلا أنها تمر بمشاكل صحية أكثر.

وإنّ الإعاقة المتعلقة بالقدرة على الحركة هي أكثر أنواع الإعاقة انتشاراً في جميع البلدان، تليها الإعاقة المتعلقة بالبصر. ووفقاً لما أبلغ عنه، فالمرض هو السبب الأكثر شيوعاً للإعاقة في جميع البلدان باستثناء عُمان. وتتسبب الشيخوخة بعدد من حالات الإعاقة هو أكبر لدى النساء منه لدى الرجال، والعكس صحيح بالنسبة إلى الحوادث. وعلى العموم، فنسبة المترملين والمتزوجين والمطلقين بين الأشخاص ذوي الإعاقة أعلى منها لدى سواهم من غير ذوي الإعاقة. والسبب الرئيسي لذلك هو أنّ متوسط العمر لدى الأشخاص ذوي الإعاقة أعلى منه لدى سواهم. وحينما تُحصر المقارنة بفئة عمرية محددة، يكون معدّل الأشخاص العازبين أعلى بين ذوي الإعاقة، ولا سيما النساء، منع  لدى الأشخاص من غير ذوي الإعاقة.

أما معدّل الإلمام بالقراءة والكتابة، فهو أقل بكثير بين الأشخاص ذوي الإعاقة منه لدى غيرهم. كما تنخفض معدلات تحصيلهم العلمي، ولا سيما التعليم على المستويين الثانوي والعالي، مقارنةً مع غيرهم. وقد يُعزى ذلك جزئياً إلى ارتفاع متوسط العمر لدى الأشخاص ذوي الإعاقة، نظراً إلى أنّ كبار السن، بشكل عام، لم يستفيدوا على الأرجح من التعليم. ولكن، وأيضاً اليوم، يظهر من البيانات أنّ معدلات التحاق الأطفال والشباب ذوي الإعاقة بالمدارس لا تزال دون معدّلات التحاق أقرانهم من غير ذوي الإعاقة بكثير. ولنوع الجنس والموقع، إضافة إلى نوع الإعاقة، تأثيرٌ كبير في هذا الصدد. فالفتيات والنساء ذوات الإعاقة في المناطق الريفية، في جميع البلدان وبدون أي استثناء تقريباً، يسجّلن أدنى معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة، والالتحاق بالمدارس، والتحصيل التعليمي.

ومعدّل تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة منخفض جداً، في حين ترتفع معدلات الخمول الاقتصادي والبطالة بينهم. وتواجه النساء ذوات الإعاقة عقبة مزدوجة، إذ إن احتمالات تشغيل النساء في البلدان العربية منخفضة إجمالاً. وفي المغرب، على سبيل المثال، يبلغ معدل تشغيل الإناث ذوات الإعاقة 6.7 في المائة، وغير ذوات الإعاقة 15.9 في المائة. وفي العراق، تبلغ هذه المعدّلات لدى الذكور ذوي الإعاقة 32.8 في المائة، ولدى غير ذوي الإعاقة 63.0 في المائة. وتسجل معدلات الخمول الاقتصادي أعلى مستويات لها بين النساء ذوات الإعاقة، وإن كان الفارق بينهن وبين النساء غير ذوات الإعاقة أقل من الفارق بين الرجال ذوي الإعاقة والرجال غير ذوي الإعاقة. ففي مصر، مثلاً، تبلغ معدلات الخمول الاقتصادي بين النساء ذوات الإعاقة 90.5 في المائة والنساء غير ذوات الإعاقة 75.8 في المائة، مقابل 57.4 في المائة لدى الرجال ذوي الإعاقة و27.0 في المائة لدى الرجال غير ذوي الإعاقة.

واستكمالاً للبيانات التي جمعتها شعبة الإحصاء في الإسكوا، يشمل التحليل أيضاً استنتاجات  مستخلصة من المسوح التي أجريت في الأردن والعراق ومصر واليمن. وتتعلّق هذه البيانات الإضافية بالتغذية في مرحلة الطفولة المبكرة، والرعاية الصحية، والحصول على المياه والكهرباء. وبالرغم من الاختلافات الكبيرة بين الإحصاءات، تظهر البيانات أن الأشخاص ذوي الإعاقة محرومون في كافة هذه المجالات. 

ويخلص التقرير إلى أن البلدان العربية والجهات المعنية الإقليمية، بما فيها الإسكوا، ينبغي أن تواصل عملها لإنتاج مزيد من البيانات الخاصة بالإعاقة وتحسين جودتها. ويشير التقرير إلى أنه بما أنَّ الإعاقة تتقاطع مع أبعاد أخرى من أوجه الضعف التيتشمل، على سبيل المثال لا الحصر، نوع الجنس والموقع، فلا ينبغي عزل الجهود الرامية إلى التغلب على تهميش الأشخاص ذوي الإعاقة، بل يجب أن تكون هذه الجهود جزءاً لا يتجزّأ من استراتيجيات تحقيق التنمية الشاملة، بما يتماشى مع روح خطة التنمية المستدامة لعام 2030.