التشغيل

المدخل والسياق العام

باعتباره محركا للحد من الفقر يحتل التشغيل مركز الصدارة في اهتمامات السلطات العمومية في مجال استراتيجيات التنمية ومحاربة الفقر.

ولا تزال المعطيات الإحصائية المتعلقة بالتشغيل والتكوين الفني والمهني والبطالة محدودة جدا. وتفتقر البيانات التي تم جمعها إلى التنوع والتحليل الموضوعي والمعمق. وعليه فيعتبر المسح الدائم حول ظروف حياة الأسر الذي يعود إلى عام 2008  المرجع الوحيد في هذا الميدان، ويجري انجازه كل أربع سنوات وقد أغفل بعض المواضيع الهامة كالعمل في القطاع غير المصنف رغم تنوعه والزراعة وشركات القطاع  الحديث[1]. وحسب المسح الدائم حول ظروف معيشة الأسر سنة 2008 فإن نسبة النشاط لدى فئة الأعمار ما بين 15 إلى 65 تصل 52,2% مقابل 59,2% سنة 2004 مع وجود تباينات هامة حسب الجنس (74,6% للرجال مقابل 34,4%  للنساء) والمستوى العام للبطالة الذي يقدر ب 31,2% والذي هو أخفض قليلا من سنة 2004 (32,5%). ويشير نفس المسح إلى أن البطالة ظاهرة تعم الشباب بصفة واسعة.

وتستحق مسألة التشغيل أن تعالج على مستويين: المستوى الأول، هو مستوى النمو من خلال إعادة تنشيط القطاع الخاص بمنحه مكانة رئيسية حتى يكون بوسعه خلق فرص عمل تكمل إمكانات الدولة في المجال. وعلى المستوى الثاني سينظر إلى التشغيل من زاوية التحدي المتمثل في استيعاب مجموعات الشباب الني نلج سوق العمل سنويا لكونه عاملا أساسيا في تطوير رأس المال البشري.

ومما يزيد حدة المشكل النمو السريع للسكان في سن العمل وعدم ملاءمة نظام التكوين والقدرة الضعيفة للقطاعات الإنتاجية على خلق فرص عمل.

فبالنسبة للفترة 2006-2010 كانت الإنجازات الأساسية للإطار الاستراتيجي لمحاربة الفقر: 1) إعداد إستراتيجية للتشغيل، 2) دمج اللامركزية فى مجال التشغيل في مسارات محاربة الفقر جهويا، 3) ترقية التشغيل الذاتي من خلال تمويل مشاريع شركات ومواكبة ونصح حملة الشهادات العاطلين،  4) تنظيم تدريبات لصالح الباحثين عن العمل، 5) انطلاق نشاطات مشروع دعم قدرات الفاعلين في مجال التمويلات الصغيرة، 6) توسيع نشاطات مشروع اليد العاملة الكثيفة لتشمل العديد من الولايات، و 7) انطلاق وتوسعة البرنامج الوطني لدعم تمويل المشاريع الصغيرة.

أما بالنسبة للإطار الاستراتيجي لمحاربة الفقر رقم 3  فإن الأهداف المرسومة هي : 1) مراعاة بعد «خلق فرص عمل» ضمن البرمجة الميزانية للنفقات العمومية؛ 2) دعم الكفاءة المهنية  لدى الباحثين عن العمل  سبيلا إلى الرفع من فرص النفاذ إلى العمل؛ 3) ترقية التشغيل من خلال شراكة مع القطاع  الخاص والرجوع إلى المقاربات الحديثة ومبادرات الدمج؛ 4) خلق محيط عام وملائم للتشغيل من خلال وضع إطار قانوني وآليات تمويل متخصصة؛ و 5) دعم قدرات التنسيق والإرشاد والبرمجة والمتابعة والتقييم على مستوى القطاع.

وفى مجال التكوين الفني والمهني تركزت الانجازات الأساسية  للإطار الاستراتيجي لمحاربة الفقر رقم 2 حول :1) تحسين قدرة استقبال مؤسسات التكوين؛ 3) تحديث تجهيزات العديد من شعب التكوين؛ 3) تكوين العشرات من المكونين وعمال التأطير؛ 4) إنجاز وتجهيز مركز للتكوين الفني والمهني جاري تنفيذه من طرف الشركة الوطنية للصناعة والمناجم؛ 5) إعداد أكثر من 24 برنامج للتكوين؛ 6) تمت تجربة إنجاز هذه البرامج على مستوى شهادة الإعدادية الفنية بالنسبة للقطاع الثالث ويجري تعميمها بالنسبة لشهادة الكفاءة الفنية؛ 7) تدشين التوأمة بالنسبة لاعتماد منهجية الجودة؛ و 8) التكوين المستمر لصالح 2700 شخصا.

أما بالنسبة للإطار الاستراتيجي لمحاربة الفقر رقم 3 فإن الجهود المقام بها ستؤدى إلى بلوغ الهدف الأساسي لتزايد وتنويع العرض وتحسين الجودة والنجاعة عبر: 1) إنشاء وحدة لتكوين المكونين وعمال التأطير؛ 2) مواصلة تحديث وإقامة البرامج التي تم إعدادها حسب APC؛ و 3) متابعة وتوطيد منهجية الجودة داخل مؤسسات التكوين.

المتدخلون فى هذا المجال هم :

  • الوزارة المنتدبة للتكوين المهني والتقنيات الجديدة
  • وزارة الشؤون الاجتماعية والطفل والأسرة؛
  • الوكالة الوطنية لترقية تشغيل الشباب؛
  • وكالة ترقية الصناديق الشعبية للادخار والقرض؛
  • مشروع دعم قدرات الفاعلين فى مجال التمويلات الصغيرة؛
  • البرنامج الوطني المندمج لدعم  المشاريع الصغيرة؛
  • القطاع الخاص؛
  • منظمات المجتمع المدني.

تشخيص القطاع

على الرغم من الجهود المقام بها خلال السنوات الأخيرة لا يزال محيط هذا القطاع غير ملائم لتطوير التشغيل ولا يزال هناك العديد من العقبات:

ففى المجال الكمي: يلاحظ في الوقت الحالي أن قدرة الاقتصاد الوطني فى مجال خلق فرص العمل غير كافية لاحتواء الطلب الحالي فى سوق العمل (30000 باحث عن العمل سنويا مقابل خلق 16000 فرصة[2]).

وفى المجال النوعي: ورث سوق العمل طلبا للتشغيل تهيمن عليه طلبات الذين لا يتوفرون على أي مستوى تعليمي سواء تعلق الأمر بمجموع العاطلين أو بمستوى الطلب الإضافي السنوي. كما لا يزال الطلب المفترض أن يكون أصحابه من ذوي الكفاءة غير ملائم لحاجيات الاقتصاد الحقيقية. وزادت الصعوبات التي عرفتها منظومة التكوين الفني والمهني من حدة هذه الوضعية: ضعف طاقات الاستقبال، نقص التنوع في الاختصاصات، عدم ملاءمة طرق التكوين، تقادم التجهيزات والبني، ضعف المصادر البشرية وعدم ملاءمة طرق التمويل.

وفى مجال الإرشاد: يلاحظ غياب عادات التنسيق والبحث عن التعاون بين الفاعلين الرئيسيين فى التشغيل  ونقص الوضوح فى هذا المجال وضعف قدرات هياكل التسيير والتوجيه في القطاع.

وفى مجال الموارد: تواجه هياكل القطاع مشاكل حادة في مجال تعبئة المصادر البشرية والمادية الضرورية لمواجهة الحاجيات المالية والفنية خاصة في ما يتعلق بالتكوين الفني والمهني والمقاولات الصغيرة والمتوسطة والنشاطات المدرة للدخل.

وفى مجال التمييز الايجابي:  لصالح المجموعات المحتاجة لم تعتمد أي سياسة تتعلق بتكوين ودمج هذه المجموعات.

وفى مجال التمويل  يلاحظ عدم تناسق النظام المالي مع توفير الفرص لدى الطبقات الاجتماعية المحتاجة. أما فى ما يتعلق بمؤسسات التمويلات الصغيرة والتي يفترض أن تواجه هذا المشكل فلم تكن على مستوى توقعات المجموعات الفقيرة. وهكذا تمنح هذه المؤسسات التي تتوفر على قدرات محدودة فى مجال التصور وتنفيذ ومتابعة البرامج، قروضا صغيرة وهي شديدة الارتباط بالتمويلات الخارجية.

العناصر الأساسية لاستراتيجية الحماية الاجتماعية

التوجهات العامة

 ستوفر إستراتيجية الحماية الاجتماعية بشكل يكمل ما تقدمه استراتجيات التشغيل والمقاولات الصغيرة والمتوسطة دعما للآليات والمقاربات التي تؤثر في تباين النفاذ إلى التشغيل.

الأهداف

  • خلق فرص لائقة للتشغيل لصالح السكان المحتاجين؛
  •  تحسين دخل الطبقات الأكثر فقرا.

 الاستهداف 

سبيلا إلى ترقية تشغيل السكان المحتاجين والمهمشين تدعم إستراتيجية الحماية الاجتماعية الإستراتيجيات القطاعية  في مجال استهداف الطبقات وذلك عبر ثلاثة محاور للتدخل:

  • التحسين والمواءمة بين كفاءات اليد العاملة المنتمية لهذه الطبقات واحتياجات الاقتصاد عبر إيجاد منظومة للتكوين تزاوج بين التكوين التمهيدي والتحضير للتوظيف والتكوين المستمر مع القدرة على مواجهة الحاجيات الحالية والمستقبلية  للاقتصاد الوطني.
  • توسيع  حقل فرص العمل والدمج المفتوحة أمام هذه الطبقات من خلال تعبئة جميع الوسائل التي تمكن من إيجاد عرض للتشغيل وفرص للعمل ودخل أكبر أهمية (التمويل، التوظيف، المقاربات/ التقنيات، النصائح والإرشاد الحوافز إلخ...).
  • ملاءمة التمويلات الصغيرة مع حاجيات تمويل هذه الطبقات.

الإجراءات الأساسية

يمكن أن تتناول ترقية التشغيل، التي يراد لها أن تكون في خدمة المجموعات الأكثر احتياجا، دعم الإجراءات المحددة ضمن الإطار الإستراتيجي لمحاربة الفقر رقم 3  وهي:

  • تصور وانجاز نظام معلوماتي حول التشغيل؛
  • ترقية تشغيل الشباب / الوكالة الوطنية لترقية تشغيل الشباب؛
  • دعم وتنوع عرض التكوين الفني والمهني؛
  • تنفيذ برنامج ترقية المجموعات ذات النفع الاقتصادي؛
  • بناء وإعادة تأهيل البنى التحتية الاجتماعية من خلال مقاربة اليد العاملة الكثيفة؛
  • دعم قدرات الفاعلين في مجال التشغيل من خلال دعم القدرات الوطنية في ميدان التوظيف والتشغيل الذاتي للعاطلين حسب مؤهلاتهم وخبراتهم؛
  • تزايد وتنوع عرض التكوين والتحسين من نوعيته عن طريق: 1) التحسين من الجدارة والفعالية على مستوى التكوين الفني والمهني؛ 2)  تنوع عرض التكوين الفني والمهني من خلال إنشاء مؤسسات جديدة للتكوين ووضع مراكز استقطاب للتكوين مع مراعاة الواقع الاقتصادي الجهوي بما في ذلك مركز استقطاب نموذجي لحرف الزراعة والاقتصاد الريفي؛ 3) تنفيذ مشروع دعم التعليم الفني والمهني؛ و 4) إجراءات فعالة لتسهيل الانتقال من المدرسة إلى العمل (بالاعتماد على المسوحات الخاصة في هذا الميدان) إضافة إلى ملاءمة أفضل  في ما بين التعليم والتشغيل (من خلال  مناهج دراسية ملائمة)
  • فى مجال التمويلات الصغيرة: 1) دعم فعالية برامج النشاطات المدرة للدخل، 2) مراجعة خطط عمل الإستراتيجية الوطنية للتمويلات الصغيرة؛ 3) دعم القدرات الفنية والمالية لمؤسسات التمويلات الصغيرة؛ 4) فتح  تعاونيات القرض والادخار في المناطق الريفية؛
  • تطبيق النظم العالمية بالنسبة للعمال من خلال رفع الحد الأدنى للأجور وتشجيع العمل اللائق؛
  • ترقية عمل الفئات المحتاجة من خلال:
  • إعداد بطاقة عجز حسب الفئات سبيلا إلى تسهيل دمج هذه الطبقات ضمن برامج التشغيل؛
  • وضع سياسات تهدف إلى تزايد تشغيل المعوقين والمتسولين وربات الأسر والشباب المتسربين من المدارس؛
  • إيجاد فرص للأشخاص الذين لا يتوفرون على عمل مصنف (المجموعات المحتاجة المذكورة أعلاه) عن طريق تطوير أنشطة مدرة للدخل ونشاطات ذات مستوى عالي من اليد العاملة الكثيفة ونظام  التمويلات الصغيرة ؛
  • تطوير آلية لتعويض البطالة ؛
  • دورات تكوين فني لصالح السكان المحتاجين (المعوقين، المبعدين من النظام التعليمي، الأشخاص الذين لا يتوفرون على مؤهلات)؛
  • آلية لسن منحة للبطالة؛
  • تطوير عرض للتكوين الفني والمهني يتلاءم وحاجيات المواطنين المحتاجين
  • وضع منظومة للتدريس والدمج لصالح الشباب المحتاجين تستهدف بصورة خاصة حاجيات القطاع غير المصنف؛
  • سياسة نشطة للتوظيف واعتماد مكاتب التوظيف ؛
  • دمج  الاهتمام بالتوظيف، خاصة توظيف الطبقات المحتاجة، ضمن السياسات القطاعية؛
  • وضع آليات لجمع المعلومات التي تساهم فى الاستهداف الأحسن والمتابعة.

[1]  - وزارة الوظيفة العمومية والشغل (2009): الاستراتيجية الوطنية للتشغيل وخطة عملها (2009-2013)

[2]  - تقديرات على أساس الإحصاءات العامة لسنوات 2000 و 1988.