المقدمة

خلال العقود الماضية، ارتبط تطور التحول الرقمي العالمي ارتباطاً عضوياً بعاملين أساسيين هما (1) التطور المتلاحق للإنترنت وسيادة المحتوى الرقمي بأنواعه، و(2) تطور منظومة الاتصالات وخاصة في مجال الأجهزة المحمولة بما في ذلك الهواتف الذكية والحواسيب اللوحية والمحمولة. وقد تسارعت وتيرة تقديم الخدمات العامة عبر الإنترنت على مستوى حكومات العالم تسارعاً فائقاً. وأخذت مفاهيم مثل الحكومة الإلكترونية والحكومة الرقمية تترسخ وتتطور وفق معايير ومؤشرات تنافسيّة. ولم يتأخر القطاع الخاص الخدمي عن الحكومات فيما يتعلق بتقديم خدماته رقمياً، بل في كثير من الأحيان كان سبّاقاً في تطوير خدماته لا سيما أنه ينظر إلى الأمر من زاوية العائدية التجارية على مستوى الاقتصاد الرقمي.

وأصبحت النفاذية الرقمية من أساسيات العمل في مختلف الحقول، وشرطاً للحصول على الخدمات. ويعود ذلك إلى توسّع الخدمات الرقمية التي تشمل مواقع وخدمات وتطبيقات حكومية على الهواتف والأجهزة الذكية، ودخول القطاع الخاص الكبير والمتوسط دائرة تقديم الخدمات العامة بما في ذلك الخدمات المالية والصحية والتعليمية والتأهيلية وخدمات النقل. كما دخل القطاع الخاص دائرة تقديم الخدمات المتعلقة بالاستهلاك بما في ذلك التسوق. وانطلاقاً من الموقف العالمي المدعوم من منظمة الأمم المتحدة بتكثيف الجهود الإنمائية وعدم ترك أحد خارج عملية التنمية، سارعت منظمة الأمم المتحدة إلى تبني مفهوم "النفاذية الرقمية" لمساعدة الدول على جعل مسارها التنموي مستلهماً لمفهوم الشمول.

وفي ضوء ما تقدم، فإن ضمان حق النفاذية الرقمية للجميع يحتّم تبني مقاربة تقاطعية لفهم الحواجز المركّبة بين الأفراد والنفاذية الرقمية. ولابد من الأخذ في الاعتبار جميع العوامل التي تعرقل إمكانية النفاذ والوصول. وتتضمن هذه العوامل، بالإضافة للإعاقة، اعتبارات النوع الاجتماعي وعدم المساواة بين الجنسين، والاعتبارات المتعلقة بالطبقة الاقتصادية والاجتماعية، والاعتبارات العرقية، واعتبارات الجنسية والمواطنة، والاعتبارات المتعلقة بالإقامة لاسيما بالنسبة للمهاجرين، وغير ذلك.