جدول المحتويات:
عدم المساواة والإقصاء: التحديات التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة في حالات الطوارئ
يشكل الأشخاص ذوو الإعاقة فئة من أكثر الفئات الاجتماعية تعرضاً للتهميش والمخاطر خلال الأزمات الإنسانية. وكثيراً ما يواجهون صعوبات كبيرة في الهرب أو الإجلاء عند حدوث حالة طارئة، حتى أن أفراد أسرهم أو مجتمعهم قد يهربون من دونهم أحياناً لعدم قدرتهم على مساعدتهم. فيبقون في مواجهة خطر التعرض لإصابات أخرى أو للوفاة (الإطار 1).
وفي مرحلة الاستجابة لحالة الطوارئ، يعاني الأشخاص ذوو الإعاقة من قلة فرص الحصول على المساعدات والخدمات. وفي معظم الحالات، لا تتيسر للتلاميذ من ذوي الإعاقة سبل الوصول إلى المدارس والأماكن الملائمة للأطفال، ويفتقر المعلّمون إلى التدريب والمواد اللازمة لتلبية احتياجاتهم. وتؤدي المشاكل الكبرى التي يواجهها القطاع الصحي إلى حرمان الأشخاص ذوي الإعاقة من أبسط أنواع الرعاية الصحية الأساسية. أما مراكز وخدمات إعادة التأهيل التي تعتبر بالغة الأهمية لإشراك الأشخاص ذوي الإعاقة، فقد لا تسلم من التدمير والضرر في حالات الطوارئ، وإن بقيت، يستحيل الوصول إليها أو تحمّل كلفتها[1].
الإطار 1- الوقائع والأرقام المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة في حالات الطوارئ
- أشار مسح عالمي للأمم المتحدة إلى أن 20 في المائة فقط من الأشخاص ذوي الإعاقة يمكن إجلاؤهم فوراً ومن دون مشاكل عند حصول كارثة مفاجئة.
- تشير بيانات حديثة من اليابان إلى أن معدل وفيات الأشخاص ذوي الإعاقة في حالات الكوارث أكبر بمرتين إلى أربع مرات من معدل وفيات الأشخاص الآخرين.
- الإعاقة أكثر انتشاراً بين كبار السن، وقد بينت دراسة تناولت اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان أن ثلثي كبار السن مصابون بنوع على الأقل من الاعتلال.
- بيّن مسح للاجئين السوريين في شمال العراق أن 99 في المائة من الأسر التي تضمّ أفراداً من ذوي الإعاقة تشكو من صعوبات في الوصول الى الخدمات الأساسية.
- بيّن مسح أجري حديثاً في سوريا أن 88 في المائة من الأشخاص النازحين داخلياً الذين أصيبوا مؤخراً من جراء الأزمة لم يحصلوا على ما يكفي من خدمات إعادة التأهيل.
________________________
المصادر: UNISDR, 2013, p. 1; Sendai Statement, 2014, p. 2; HelpAge International and Handicap International, 2014, p. 6; UNHCR and REACH, 2014, p. 14; and Handicap International, 2014, p. 2.
وتؤدي الأزمات الإنسانية إلى صعوبات كبيرة في حماية الأشخاص ذوي الإعاقة. فبانهيار التماسك الاجتماعي من جهة وتفكك البنى المجتمعية التقليدية من جهة أخرى، يصبح ذوو الإعاقة، ولا سيما النساء والفتيات من ذوي الاعتلالات الذهنية، أكثر تعرضاً لسوء المعاملة والعنف. وأشار بحث أجري حديثاً وتناول اللاجئين الصوماليين والسوريين إلى أن بعض الأسر تلجأ أحياناً في غياب التوجيه والدعم المناسب، إلى استراتيجيات ضارّة، على غرار إخضاع الأطفال ذوي الاعتلالات الذهنية لقيود طبية ومادية[2]. وبسبب العزل الاجتماعي وانعدام خدمات الحماية المتخصصة، يصعب وصول الأشخاص ذوي الإعاقة إلى القنوات التي يمكن عبرها طلب المساعدة أو التبليغ عن سوء المعاملة.
وتزيد هذه التحديات في حالات الطوارئ من ضعف الأسر والمجتمعات. وتثقل كلفة العلاج المتخصص والأجهزة المساعِدة كاهل معظم الأسر بأعباء إضافية بعد أن خسرت ممتلكاتها وموارد عيشها. ويتعرض الأطفال (وخاصة الفتيات) الذين يعاني أهلهم أو إخوتهم من إعاقات لإخراجهم من المدارس بهدف العمل في المنزل أو خارجه، فيسبب خروجهم خسارة في المكاسب الإنمائية، ويلحق أضراراً بالمجتمع بأسره. وتبين الأبحاث أن العديد من الفتيات اللواتي أصيبت أمهاتهن بإعاقة دائمة إثر زلزال عام 2005 في باكستان اضطررن إلى البقاء في المنزل لتحمّل مسؤوليات العناية بأفراد الأسرة[3].
ويساهم عدم توفر بيانات عن الأشخاص ذوي الإعاقة في تعريضهم للإقصاء في حالات الطوارئ. ومن المشاكل التي تعوق جمع البيانات في حالات الطوارئ صعوبة وصول المساعدة الإنسانية، وسرعة التحركات السكانية، واستخدام بيانات أولية غير حديثة أو غير موثوقة (الإطار 2). وبعدم توفر البيانات الدقيقة والتفصيلية والحديثة، قد يسيء صانعو القرار تقدير عدد الأشخاص ذوي الإعاقة واحتياجاتهم، فيزداد احتمال إقصائهم من تدابير الاستجابة والإنعاش.
وما يدعو للقلق أيضاً أن الأشخاص ذوي الإعاقة نادراً ما يؤخذ رأيهم أو يشركون في إدارة حالات الطوارئ[4]. وهذا يحول دون الاستفادة من معارفهم ومهاراتهم وقدراتهم، ويزيد من إقصائهم، ومن احتمال إغفال احتياجاتهم في الجهود التي تبذل في حالات الطوارئ.
الإطار 2- البيانات الأولية عن الإعاقة في المنطقة العربية
من الأهمية توفر بيانات مرجعية عن الإعاقة قبل وقوع الأزمات لضمان دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في عمليات الاستجابة في حالات الطوارئ. غير أن البيانات الموثوقة والآنية عن الإعاقة قليلة في المنطقة العربية. وهذا أهم ما خلصت إليه دراسة بعنوان "الإعاقة في المنطقة العربية: لمحة عامة" وهي دراسة أصدرتها حديثاً الإسكوا وجامعة الدول العربية، تجمع إحصاءات ومعلومات مرجعية عن الإعاقة في البلدان العربية الإثنتين والعشرين.
ومن الضروري أن تعمل الحكومات العربية على تعزيز التعاون وبناء القدرات لسد النقص في قواعد بيانات الدول عن الإعاقة. ويشمل هذا العمل جمع بيانات مفصلة عن الإعاقة على المستوى المحلي بالتعاون مع الجهات الفاعلة المعنية كالسلطات المحلية والمنظمات المعنية بالأشخاص ذوي الإعاقة. ومن شأن هذه الجهود أن تتيح إمكانات لقياس احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقات وتلبيتها في حالات الطوارئ.
_________________________
المصدر: الإسكوا وجامعة الدول العربية، 2014.