جدول المحتويات:
الخطوات المقبلة: تحسين القدرة على التكيّف وحماية الحقوق
يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة في المنطقة العربية تحديات وصعوبات عديدة. فبرغم ما يملكونه من موارد ومهارات وقدرات، غالباً ما يواجهون الإهمال والإقصاء. ونتيجة لذلك يعاني ذوو الإعاقة أكثر من غيرهم من الفقر، ومن سوء الأوضاع الصحية، ومن ضيق فرص الحصول على التعليم الجيد والعمل.
وتتفاقم أوجه عدم المساواة في الأزمات الإنسانية. ومن أفضل الطرق لضمان سلامة الأشخاص ذوي الإعاقات، وتأمين رفاههم، وحماية كرامتهم في حالات الطوارئ، حماية حقوقهم وصونها قبل وقوع الكوارث. وعلى الحكومات أن تبذل المزيد من الجهود لتمكينهم من المشاركة الفاعلة في التنمية في بلدانهم، بالتساوي مع سائر أفراد المجتمع.
وتتيح خطة التنمية لما بعد عام 2015 وأهداف التنمية المستدامة فرصة فريدة لتحقيق هذه الغايات. واليوم إذ تشارف المهلة المحددة لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية على الانتهاء، وفي وقت يسعى المجتمع الدولي إلى وضع إطار إنمائي دولي جديد، ينبغي على صانعي السياسات ضمان إدراج قضايا الإعاقة ضمن غايات أهداف التنمية المستدامة ومؤشراتها.
ومن التوصيات على هذا الصعيد:
- ضمان المشاركة الكاملة والفعالة للأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات الممثلة لهم في جميع مراحل إدارة حالات الطوارئ: من أجل تلبية احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة ودمجهم في المجتمع في حالات الأزمات، يجب تمكينهم من المشاركة الكاملة والفاعلة في الاستعداد لحالات الطوارئ والاستجابة لها وفي جهود الإنقاذ والإنعاش. ويجب فتح قنوات فعالة للتشاور معهم وبناء قدرات المنظمات المعنية بهم. كما لا بدّ من التعاون لتلبية احتياجات الأشخاص المعرضين لمخاطر متعددة، كالنساء وكبار السن من ذوي الإعاقات؛
- اعتماد نهج ثنائي المسار في جميع مراحل إدارة حالات الطوارئ: ينبغي على صانعي السياسات: (1) العمل على إزالة العقبات وضمان المساواة بين الأشخاص ذوي الإعاقة والسكان الآخرين في الوصول إلى تدابير وقائية والاستجابة والانعاش؛ (2) العمل على تلبية الاحتياجات الخاصة للأشخاص ذوي الإعاقة وتمكينهم. وهكذا يمكن الحد من عدم المساواة وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من المشاركة في الاستعداد لحالات الطوارئ وخلالها وبعدها؛
- تحسين قاعدة البيانات بشأن الإعاقة: تمكن البيانات الدقيقة والموثوقة حول الإعاقة الجهات المستجيبة وصانعي السياسات من اتخاذ قرارات تستند إلى معلومات صحيحة في حالات الطوارئ. ومن دون هذه البيانات يمكن أن يخطئ العاملون في المجال الإنساني تقدير عدد الأشخاص ذوي الإعاقة أو أن يقصّروا في تلبية احتياجاتهم. ومن خلال تحسين جمع البيانات المرجعية عن الإعاقة وتحليلها ونشرها تستطيع الحكومات المساهمة في حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في حالات الطوارئ؛
- الاستثمار في الحد من مخاطر الكوارث مع مراعاة حالات الإعاقة: مع ارتفاع معدل وقوع الكوارث الطبيعية، يصبح الاستثمار في الحد من مخاطر الكوارث بغاية الأهمية. وعندما توضع قضايا الإعاقة ضمن الأولويات في جهود الحد من مخاطر الكوارث، يمكن أن تسهم هذه الجهود في التخفيف من وطأة تأثير الكوارث على هؤلاء الأشخاص. ويمكن أن تشمل هذه الاستثمارات فتح ممرات آمنة لإجلاء الأشخاص ذوي الإعاقة، وتأمين المعلومات من خلال أنظمة الإنذار المبكر بأشكال تتيح وصولها إلى الصم وضعيفي السمع، أو ذوي الاعتلالات الذهنية والعقلية؛
- تطبيق مواصفات التصميم العام: ينبغي تطبيق مبادئ التصميم العام لتسهيل وصول جميع الأشخاص إلى المنتجات والأماكن واستخدامها. ولا يقتصر هذا النهج على إنشاء المباني والبنى الأساسية وتأهيلها وحسب، بل يشمل توفير المعلومات والخدمات والأجهزة. ويؤدي تطبيق مواصفات التصميم العام إلى تسهيل مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة ويعود بالفائدة على الجميع. فبناء الأرصفة المنحدرة والممرات الواسعة في العيادات الصحية والملاجئ، مثلاً، لا تقتصر فوائده على الأشخاص ذوي الإعاقة، بل تشمل أيضاً الحوامل، وكبار السن، والجرحى، والمصابين بأمراض مزمنة.
الإطار 3- مقابلة مع الدكتور غسان أبو ستة: أثر حالات الطوارئ على الإعاقة
الدكتور غسان أبو ستة هو رئيس قسم الجراحة التجميلية والترميمية في المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت. وقد تطوّع في مستشفى الشفاء في غزة خلال الاعتداء الإسرائيلي العسكري في تموز/يوليو وآب/أغسطس 2014. وسافر الدكتور أبو ستة إلى فلسطين في ست بعثات طبية واحدة منها خلال الانتفاضة الأولى عام 2008 وأخرى خلال الانتفاضة الثانية عام 2012. ويتحدث في إطار هذه المقابلة عن بعثته الأخيرة إلى غزة ويعطي ملاحظاته وآراءه عن أثر حالات الطوارئ على الإعاقة.
سؤال: تبين الأبحاث أن العديد من الأشخاص أصيبوا بإعاقة دائمة إثر إصابتهم خلال حالة طوارئ. هل صادفت مثل هذه الحالات خلال بعثتك الطبية الأخيرة إلى غزة؟
جواب: تماماً. كنت أعالج خمسة إلى ثمانية مصابين في اليوم، وأظن أن 80 في المائة منهم سيعانون من شكل من أشكال الإعاقة. وتضمنت حالات الإعاقة الأكثر شيوعاً بتر الأطراف، والمفاصل المحطمة أو المسحوقة، والعمى أو فقدان البصر، والحروق الشديدة. وكان الأطفال الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالإعاقة. وشكلوا من 50 إلى 60 في المائة من مرضاي. وقد عالجت صبياً فقد نظره عندما دمّر منزله، وفتاةً حُطّم مرفقها، وستعاني من محدودية الحركة في ذراعها. وعالجنا العديد من الأطفال بين سن الخامسة والخامسة عشرة خضعوا لعمليات بتر، وبعضهم لبتر ثنائي. وفي العديد من الحالات حصلت الإصابات في المنازل، التي لم تعد صالحة للسكن خلال العملية العسكرية، ما يعني أن الأسرة أصبحت أقل قدرة على رعايتهم.
سؤال: ما هي بعض العقبات التي واجهتها في معالجة الأشخاص الذين يعانون من إصابات و/أو إعاقات؟
جواب: أفرغ الحصار القطاع الصحي في غزة من المعدات والمقومات الطبية الأساسية. والعاملون في هذا القطاع لم يحصلوا على تعليم عال، لذلك، يعتمد النظام الصحي على الجيل الأخير الذي تمكن من الحصول على التدريب الطبي خارج غزة. وهناك نقص كبير في أخصائيي إعادة التأهيل.
سؤال: ما هي العوائق التي سيواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة في غزة في المستقبل؟
جواب: استهدفت العديد من المرافق الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، على غرار مستشفى الوفاء، ولم تعد تعمل. لذلك، ينبغي أولاً إعادة بناء هذه المرافق وتجهيزها. وينبغي أيضاً تأمين السكن للأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم، كما ينبغي إعادة بناء قطاع الخدمات الصحية وتوسيع نطاقه. والحاجة ماسة إلى خدمات إعادة التأهيل على أنواعها: من الأطراف الاصطناعية والمعدات إلى أخصائيي العلاج الطبيعي والأطباء.
سؤال: ما هي التدابير التي ينبغي اتخاذها لتلبية احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة في حالات الطوارئ بشكل أفضل؟
جواب: من أجل فهم حجم المشكلة، ينبغي وضع سجل يتضمن معلومات عن مستوى الإعاقة وعن احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، والدعم الأسري المتاح لهم، وحالة السكن الذي يقيمون فيه. وبناءً على هذه المعلومات يمكن البدء بالتخطيط لتأمين الاحتياجات الخاصة لهؤلاء. ولسوء الحظ أن أجزاء كبيرة من غزة بحاجة إلى إعادة البناء، وعلينا أن نتأكد من أن المباني والبنى الأساسية والمرافق شاملة ومتاحة للجميع.