جدول المحتويات:
باء. أسئلة وأجوبة
س4. ما هو الإيواء؟
ج4. الإيواء هو إيداع الشخص بسبب الإعاقة في مركز أو مؤسسة ذات بيئة عازلة يقيم فيها على مدار الساعة أو بشكل جزئي ويخضع الجميع فيها لقواعد وإجراءات تشغيلية موحّدة لا تأبه للفروق والمتطلبات الفردية، بحيث تكون أشبه بالثكنات العسكرية من حيث تقديم وجبات الطعام في مواعيد محدَّدة والنوم في مواعيد محدَّدة وموحّدة وفي بعض الحالات ارتداء زي موحّد وتلقي خدمات أساسية غالباً ما تكون ضعيفة الجودة تنسحب على الجميع من دون مراعاة أي متطلب فردي مختلف. وفي هذه البيئات، يولى الاهتمام لخدمات الحياة اليومية الرئيسية مثل تقديم الطعام والشراب والاستحمام ودائماً بجودة منخفضة جداً في معظم الحالات، من دون توفُّر برامج تأهيلية نفسية أو جسدية ولا تعليمية تساعد على تطوّر الأفراد المقيمين بل ما يحدث وفقاً للدراسات الموثوقة هو العكس، حيث يترتب على الإيواء تراجع وتدهور في الحالة النفسية والذهنية والجسدية للشخص بسبب العزلة والافتقار إلى الخدمات النوعية وضعف التواصل مع الأسرة وانعدامه مع البيئة الخارجية[1].
س5. ما هي أشكال الإيواء التي تنتهك حق الأشخاص ذوي الإعاقة في العيش المستقل؟
ج5. يرى البعض أن الإيواء المحظور هو ذلك القائم في المؤسسات التي أُنشئت خصيصاً لإيداع الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية الشديدة بصفة خاصة على مدار الساعة، ومن ثم فإن هذا الاتجاه لا يعتبر على سبيل المثال أن مستشفيات الصحة النفسية ولا المدارس الداخلية جزء من منظومة الإيواء، كما أن هذا الاتجاه لا يرى بأساً في إنشاء البيوت الجماعية الصغيرة باعتبارها أحد بدائل المؤسسات الإيوائية بمعناها الضيق[2].
وفي المقابل، فإن الاتجاه الأكثر انسجاماً مع مبادئ وأحكام اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ومضامين حقوق الإنسان هو ذلك الذي يرى في كل بيئة مقيّدة وعازلة على أساس الإعاقة أو بسببها جزءاً من المنظومة الإيوائية واجبة الإنهاء، بما في ذلك المدارس الداخلية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة ومستشفيات الصحة النفسية وما يسمى بالبيوت الجماعية الصغيرة والمراكز التأهيلية غير المبنية على الخدمات والتأهيل المجتمعي[3]. وينظر هذا الاتجاه إلى أن العزلة والإقصاء والنَّهج الوصائي الذي يصادر حرية الشخص في الاختيار واتخاذ القرار؛ جميعها قواسم مشتركة بين هذه الأشكال المختلفة من الخدمات الإيوائية العازلة وإن اختلفت أسماؤها وتنوّعت أساليب إدارتها أو تقديمها لتلك الخدمات.
س6. هل المفاهيم والضوابط المذكورة آنفاً تنطبق على مستشفيات الصحة النفسية ولماذا؟
ج6. بدأت حركات التحرُّر من المنظومة الإيوائية أصلاً في منتصف القرن الماضي باعتبارها حركة حقوق مدنية في إيطاليا[4] التي حقَّقت نجاحات باهرة في تحويل خدمات الصحة النفسية إلى خدمات مبنية على المجتمع، بحيث يعيش الأشخاص ذوو الإعاقة النفسية في محيطهم المجتمعي المتقبل لهم والمستوعب لمتطلباتهم والذي يضم في مرافقه الخدمات المتخصِّصة التي يحتاجونها، وهذه الخدمات بطبيعة الحال تكون جزءاً أصيلاً من منظومة الرعاية الصحية وليست بمعزل عنها. وقد شهدت دول أوروبية عديدة[5] وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية[6] تحركاً مماثلاً نحو إغلاق مستشفيات الصحة النفسية وخدماتها الإيوائية وتحويل متلقيّ خدماتها العلاجية للعيش في المجتمع.
ويكمن السبب في اعتبار مستشفيات الصحة النفسية شكلاً من أشكال الإيواء واجب التفكيك بل تكمن نواة حركة التحرُّر من المنظومة الإيوائية في كون هذه المستشفيات تقوم على أساس احتجاز الأشخاص ذوي الإعاقة النفسية الدائمة أو المؤقتة لفترات طويلة جداً قد تمتد لعقود وذلك ليس بغرض الرعاية أو العلاج بالدرجة الأولى، وإنما لتغييب هؤلاء الأشخاص عن المجتمع وعزلهم عن محيطهم الأسري إما بحجة "عدم مقدرة الأسر على تقديم الرعاية اللازمة لهم" أو بدعوى "أنهم يمثلون خطراً على أنفسهم وعلى الآخرين"، وليس خافياً على أحد ما شاب العديد من مستشفيات الصحة النفسية في مختلف دول العالم من سمعة سيئة ارتبطت بارتكاب ممارسات تتسم بالعنف الجسدي واللفظي، هذا فضلاً عن الإيداع القسري والإجبار على العلاج واستخدام القيود المادية والكيميائية للتحكم بالمحتجزين والسيطرة عليهم[7]. لذلك كله، فقد تبنت حركات الحقوق المدنية في أوروبا والولايات المتحدة المطالبة بإغلاق تلك المستشفيات والعمل على تحقيق ذلك وتوفير بدائل مجتمعية دامجة تستوعب الأشخاص ذوي الإعاقة النفسية وتكفل لهم حقهم في العيش المستقل.
س7. لماذا تعتبر المدارس الداخلية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة شكلاً من أشكال الإيواء؟
ج7. انتشرت وما تزال المدارس الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة التي تستقبل نوعاً محدَّداً من الإعاقات أو ربما أكثر من نوع في بعض الحالات التي تتعدَّد فيها الإعاقات لدى الشخص. وفي ضوء ضعف وتيرة تطبيق التعليم الدامج في عدد لا يستهان به من دول العالم، فإن هذه المدارس تحتل مساحةً كبيرةً وتمنح شعوراً "بالأمان" للأسر لكونها تشتمل على بيئات منعزلة تضعف معها احتمالات تعرُّض الطلبة فيها للتنمر على أساس الإعاقة من زميلاتهم وزملائهم. وقد درج العمل أن تكون هذه المدارس خصوصاً تلك الخاصة بالمكفوفين والصم والإعاقات الذهنية تحتوي على أقسام داخلية بحيث يمضي الطلبة فيها أيام السنة الدراسية فلا يذهبون لبيوت أسرهم إلا في نهاية الأسبوع أو في الإجازات النصفية والصيفية. وإن هذه المدارس وبالإضافة إلى كونها أصلاً غير دامجة على الإطلاق وتعتمد على التعليم بأساليب التربية الخاصة والبيئات التعليمية المقيّدة، فإنها باشتمالها على خدمات المبيت تنزل منزلة المؤسسات الإيوائية بمعناها الكامل، وذلك من حيث تبني نمط حياة رتيب ينسحب على الكافة من دون مراعاة للفروق والمتطلبات الفردية، وكذلك شيوع الاعتداءات الجسدية والنفسية والجنسية بسبب طول الإقامة وغياب الرقابة. كما أن انقطاع الأطفال في هذه المدارس عن أسرهم يرتب الأثر السلبي ذاته الناتج عن الإيداع في المؤسسات الإيوائية. وتؤكد نشأة المدارس الداخلية هذه الحقائق، حيث أنها وجِدت لفصل وعزل أطفال السكان الأصليين في أمريكا وأستراليا وكندا وغيرها، وكانت أيضاً وسيلةً لعزل فئة محدَّدة من المجتمع، كما كان عليه الحال خلال فترات الاستعمار البريطاني لبعض الدول العربية، فعلى سبيل المثال، كانت هذه المدارس هي المكان الذي يُرسل إليه الأطفال من بدو فلسطين لتلقي التعليم بمعزل عن الأطفال الآخرين[8]. من هنا، فإن المدارس الداخلية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة هي في حقيقتها مؤسسات إيوائية وإن كانت بحلّة تعليمية، ومن ثم فإنه لا بدّ من أن تدخل في نطاق سياسات وخطط وبرامج تفكيك المنظومة الإيوائية[9].
[1] Preserving Our Freedom: Ending Institutionalization of People with Disabilities During and After Disasters National Council on Disability. May 24, 2019. Available at https://ncd.gov/sites/default/files/NCD_Preserving_Our_Freedom_508.pdf.
[2] Lumos contribution to the General Comment on Article 19 of the CRPD by the Committee on the Rights of Persons with Disabilities. Available at https://www.ohchr.org/sites/default/files/Documents/HRBodies/CRPD/DGD/2016/Lumos.doc. Karl Grunewald. Close the Institutions for the Intellectually Disabled. 2003. Available at https://www.independentliving.org/files/grunewald2003.pdf.
[3] Committee on the rights of Persons with Disabilities. Guidelines on deinstitutionalization, including in emergencies. 2022. Available at https://docstore.ohchr.org/SelfServices/FilesHandler.ashx?enc=6QkG1d%2FPPRiCAqhKb7yhsrUSo2TlYtHaYAWJ%2Byrd8Skkty8%2BxJZ8vIbGxhck1kHBB7qpZDXVoe1FIprH%2FJ0xFqKZuAhZAAZzuD%2Fk81YhhDY%3D.
[4] Morzycka-Markowska, Maria et al. “Deinstytucjonalizacja psychiatrii włoskiej - przebieg i skutki Część II. Skutki deinstytucjonalizacji” [Deinstitutionalization in Italian psychiatry - the course and consequences Part II. The consequences of deinstitutionalization]. Psychiatria polska vol. 49,2 (2015): 403-12. doi:10.12740/PP/28614. De Leonardis O, Mauri D, Rotelli F. Deinstitutionalization, another way: the Italian mental health reform. Health Promot. 1986;1(2):151-65. doi: 10.1093/heapro/1.2.151. PMID: 10286857.
[5] Taylor Salisbury T, Killaspy H, King M. An international comparison of the deinstitutionalisation of mental health care: Development and findings of the Mental Health Services Deinstitutionalisation Measure (MENDit). BMC Psychiatry. 2016 Feb 29; 16:54. doi: 10.1186/s12888-016-0762-4. PMID: 26926473; PMCID: PMC4772656.
[6] CHAFETZ, LINDA, HOWARD H. GOLDMAN, and CARL TAUBE. “DEINSTITUTIONALIZATION IN THE UNITED STATES.” International Journal of Mental Health 11, no. 4 (1982): 48–63. http://www.jstor.org/stable/41344298.
[7] Robins, L. M., Lee, D. A., Bell, J. S., Srikanth, V., Möhler, R., Hill, K. D., & Haines, T. P. Definition and Measurement of Physical and Chemical Restraint in Long-Term Care: A Systematic Review. 2021. International journal of environmental research and public health, 18(7), 3639. https://doi.org/10.3390/ijerph18073639.
[8] Boarding schools. Report by the United Nations. Available at https://www.un.org/esa/socdev/unpfii/documents/IPS_Boarding_Schools.pdf. Human rights watch report. Insisting on Inclusion: Institutionalization and Barriers to Education for Children with Disabilities in Kyrgyzstan. 2020. Available at https://www.hrw.org/report/2020/12/10/insisting-inclusion/institutionalization-and-barriers-education-children.
[9] EilionOir Flynn, Dr. MOnica Pinilla-Rocancio, Maria GOrnez-Carrillo de Castro. Disability-specific forms of deprivation of liberty. Institute for Lifecourse and Society, CENTRE for DISABILITY LAW &POLICY, NUI Galway University. Available at https://www.universityofgalway.ie/media/centrefordisabilitylawandpolicy/files/DoL-Report-Final.pdf.