باء. أسئلة وأجوبة

س8. كيف يمكن تفكيك المنظومة الإيوائية وترسيخ العيش المستقل؟

ج8. تفكيك المنظومة الإيوائية هو عمل متعدِّد المستويات ومتشعب المسارات، إذ إن الانتقال من بيئات مقيّدة تجذّرت لعقود في المجتمع وباتت هي السياق الوحيد الذي يعرفه ضحاياها؛ هي مسألة أشبه بعملية إعادة تأهيل معتقلين أبرياء أمضوا في السجون عقوداً من الزمن وتحويل السجون لتصبح مرافق تقدِّم خدمات عامة للجميع. هذه العملية تتطلب خطوات سياسية وتشريعية وعملاتية يمكن تلخيصها على النحو الآتي:

  1. مراجعة منظومة السياسات والتشريعات التي تحكم دُور وبرامج الرعاية، حيث ينبغي البدء بتعديل هذه المنظومة بإلغاء البنود والأحكام التي تجيز إنشاء المؤسسات الإيوائية مع وضع أُطُر زمنية محدَّدة تُلزم الجهات الحكومية وغير الحكومية بتنفيذ حلول وبدائل لهذه المنظومة. وينبغي أن تشمل عملية المراجعة هذه الاستراتيجيات والخطط التنفيذية المتفرعة عنها وكذلك القوانين والأنظمة أو اللوائح والتعليمات والقرارات الوزارية وغيرها، بحيث تتم مواءمتها جميعاً لتحقيق التحوّل المنشود من الإيواء إلى الدمج الكامل[1]؛
  2. وضع أحكام انتقالية لحين استكمال عملية التحوّل إلى المنظومة الدامجة، بحيث يتوقف ترخيص أي مؤسسات أو برامج إيوائية مع حظر زيادة الطاقة الاستيعابية للقائم منها، وذلك للحيلولة دون الالتفاف على خطة التحوّل وفرض أمر واقع قد يصعب تغييره مستقبلاً؛
  3. تصميم وتنفيذ برامج معرفية وتوعوية حول خطورة الإيواء وأثره السلبي المتفاقم والمتراكم على الأشخاص وفوائد الدمج الأسري والمجتمعي على الفرد والأسرة وعموم المجتمع، بحيث تكون هذه البرامج والحملات غير تقليدية وتقوم على رسائل مباشرة ومبتكرة وتستند إلى تجارب ونماذج ناجحة تتشابه في سياقاتها مع سياقات الفئة المستهدَفة؛
  4. تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة ومنظماتهم من تأدية دور قيادي في عملية تفكيك الإيواء والتحوّل إلى العيش المستقل، والاستمرار بتمكين تلك المنظمات ومنظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان من تنظيم حملات المناصَرة من أجل الضغط على الدولة لأخذ مسألتي تفكيك الإيواء وتعزيز العيش المستقل على محمل الجد ووضعهما على أعلى سلم أولوياتها، على أن تشرك هذه المنظمات بفعالية في عملية الإصلاح التشريعي والمؤسسي وتنفيذها ومتابعتها وتقييمها؛
  5. عدم السماح للمسؤولين عن إدارة وتشغيل المؤسسات الإيوائية بتولي أي دور قيادي في عملية تفكيك الإيواء[2] لتجنب تعارُض المصالح أو أي تأثير محتمل لخلفيتهم المهنية والسلوكية التي تشكلت عن طريق عملهم في تلك المؤسسات على سياسات واستراتيجيات وبرامج وخدمات بدائل الإيواء؛
  6. توفير بدائل فعّالة وواقعية للخدمات الإيوائية والإعلان عنها ضمن أُطُر زمنية محدَّدة مع ضرورة رصد الموازنات الكافية والمستدامة لتطبيق كل منها.

س9. ما هي بدائل منظومة الإيواء وما هي أهم سماتها العامة والخاصة؟

ج9. استبدال المنظومة الإيوائية بخدمات وبرامج نهارية مجتمعية دامجة هي مسألة تتطلب ضوابط محدَّدة تحكمها بالعموم، ولا بدّ من أن تلبي كل خدمة مقترحة الاحتياجات الفردية والأسرية.

  1. بدائل الإيواء المتصوّرة وخدمات العيش المستقل الدامجة؛

    البدائل والخدمات المعزِّزة للعيش المستقل هي محط إجماع المعنيّين بتفكيك المنظومة الإيوائية وتحويلها إلى منظومة أسرية ومجتمعية دامجة للجميع[3] بمن فيهم الأشخاص ذوو الإعاقة. ويمكن استعراض أهم هذه البدائل والخدمات وسمات كل منها فيما يلي:

    • العيش في منزل مستقل بشكل فردي أو مع من يختاره الشخص، فإذا كان الشخص المنتقل من المؤسسة الإيوائية بالغاً ويمكنه الإقامة منفرداً في منزل خاص به ضمن المحيط المجتمعي أو مع شخص أو أكثر يختارهم للإقامة معه، فيجب احترام هذا الخيار والعمل على توفيره وتمكين الشخص من إدارة شؤون حياته بمفرده وبشكل مستقل، وهذا يتطلب توفير منزل مهيأ وتمكين الشخص من الوصول إلى الخدمات التي يحتاجها والحصول عليها بخصوصية واستقلال، مع توفير الخدمات المنزلية حسب الحاجة.

    • العيش مع الأسرة البيولوجية أو الممتدة أو أسرة حاضنة وفقاً لما يقرره الشخص ويختاره بعد تقديم المساعدة على اتخاذ القرار إذا كان بحاجة إليها.

    • إذا كان الشخص المنتقل من المؤسسة الإيوائية طفلاً أو بالغاً يتعذر استقراء إرادته وقراره، فإن العودة إلى الأسرة البيولوجية يغدو البديل الأول الذي ينبغي العمل عليه قبل غيره، فكثير من الملتحقين بالمؤسسات الإيوائية اودعوا بقرار من الوالدين أو أحدهما أو من ولي الأمر سواء كان أخاً أو أختاً، وقد يكون لأسباب عدة[4] منها عدم المعرفة وعدم القدرة على تقديم الرعاية للشخص وتمكينه من العيش باستقلالية في بيئته الأسرية بسبب غياب برامج التأهيل والتدريب والخدمات الداعمة. وإما بسبب الوصمة التي تدفع كثير من الأسر حتى لإرسال أبنائهم وبناتهم إلى خارج المدينة أو المحافظة بل وربما البلد الذي يقيمون فيه لإيداعهم في مؤسسات إيوائية بعيدة عن أنظار المجتمع المحيط. وقد يكون فقدان السند الأسري هو السبب الذي يدفع الجهات الحكومية المعنيّة إلى إيداع الأفراد الذين جاءوا خارج إطار العلاقات الزوجية في مثل هذه المؤسسات. من هنا، فإن وجود أسرة بيولوجية للشخص يجعل الحديث عن أي بديل آخر يأتي في المرتبة التالية، إذ ينبغي العمل على إقناع الأسرة البيولوجية وتأهيلها وتدريبها وتهيئة منزلها ومحيطها المجتمعي لتكون أهلاً لاستقبال ابنها أو ابنتها بعد خروجه من المؤسسة الإيوائية مع ضرورة استمرار برامج الدعم والمتابعة للتثبت من عدم حدوث أي انتكاسة للفرد أو الأسرة قد تدفع هذه الأخيرة إلى التفكير بإعادة الشخص إلى المؤسسة الإيوائية أو وضعه في ظروف مقيّدة غير إنسانية داخل المنزل شبيهة بالإيواء الذي نجا منه.

    • الأسر الممتدة البديلة من الأقارب[5] من غير الوالدين أو الأخوة والأخوات مثل الأجداد والجدات والأعمام والعمات والأخوال والخالات وغيرهم من الأقارب، بحيث إذا لم يكن للشخص أسرة بيولوجية مباشرة أو تعذَّر التحاقه بها، فإن الخيار التالي يجب أن يكون الأسر الممتدة التي من المفترض أن تكون عاطفياً واجتماعياً الأنسب والأولى باحتضان الشخص، وما ينسحب على الأسرة البيولوجية من متطلبات التدريب والتأهيل والدعم ينسحب بطبيعة الحال على الأسر الممتدة مع احتمال احتياج هذه الأسر إلى برامج دعم نفسي واجتماعي أكثر من الأسرة المباشرة لكونها لم تكن على احتكاك أو اطلاع وثيق بوضعية الشخص ومتطلبات انتقاله من الإيواء إلى البيئة الأسرية الدامجة.

    • الأسر البديلة من غير الأقارب، وتقع ضمن برامج التبني في الدول التي تسمح تشريعاتها بذلك وبرامج الاحتضان أو الكفالة في الدول التي تتبنى أنظمةً تمنع التبني لكنها تتيح أشكالاً بديلة. ويجب التأكد من أهليتها وكفاءتها ومطابقتها لشروط الرعاية البديلة[6] سواء كان تبني أو احتضان أو كفالة وذلك عن طريق تقييم اجتماعي ونفسي ومادي للتثبت من أن الشخص ذي الإعاقة الذي سينتقل إلى كنفها سوف يكون في بيئة آمنة ودامجة فعلاً، وهي من بعد تحتاج ما تحتاجه الأسر المباشرة والممتدة من برامج دعم وتأهيل ومتابعة.

  2. تشمل السمات المشتركة الواجب توافرها في بدائل الإيواء وخدمات العيش المستقل ما يلي:
    • تصميم بدائل إيواء واقعية وقابلة للتطبيق، وهذا يتطلب وجود خطط وخطوات انتقالية متدرجة تراعي ضرورة أن تتوسط البيئة المقيّدة التي يعيش فيها الشخص والبيئة الأسرية والمجتمعية المفتوحة مرحلة تهيئة الشخص نفسياً وتأهيله جسدياً وتأهيل أسرته لتكون حاضنةً له مستوعبةً لمتطلبات إقامته معها، كما يجب تهيئة المحيط المجتمعي للشخص بحيث يتقبَّل التنوّع والاختلاف.

    • احترام خيار الشخص وقراره، إذا كانت ركيزة العيش المستقل هي احترام الاستقلالية الفردية، فلا يمكن تصوّر أن تكون بدائل الإيواء من الأمور التي يمكن فرضها على الشخص من دون الالتفات لميوله وخياراته. لذلك فإن أي بديل حتى لو كان مثالياً من وجهة نظر القائمين على برامج استبدال الإيواء، يجب أن يحظى بموافقة حرة مستنيرة من الشخص الذي سيلحق أو سيستفيد من هذا البديل. وهنا تبرز أهمية نموذج دعم عملية اتخاذ القرار الذي أشرنا إليه سابقاً بوصفه الأداة الرئيسية لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية والأطفال من فهم طبيعة البديل المقترح للإيواء ومزاياه وسلبياته، وذلك عن طريق الشرح الوافي المبسّط ثم استقراء إرادة الشخص والعمل بمقتضاها من حيث الموافقة أو الرفض أو ربما طلب بديل آخر.

    • مراعاة السياق الثقافي والاجتماعي والديني للفرد والأسرة والمجتمع، فلا يتصور على سبيل المثال إنشاء برنامج للاحتضان أو الكفالة وتسميته "حملة تشجيع التبني" في مجتمع لا تجيز معتقداته ولا تشريعاته التبني بمعناه الدقيق. كما يجب أن تكون عملية اختيار الأسر البديلة مراعيةً للفئة العمرية للشخص الذي سيلحق بالأسرة، فكفالة أو احتضان شخص بالغ كان في مؤسسة إيوائية يختلف في شروطه ومتطلباته عن احتضان طفل صغير أو فتى يافع، وكذلك لا بدّ من الأخذ بعين الاعتبار البُعد الجنساني ضمن السياق المجتمعي للاحتضان، ففي مجتمعات صغيرة محافظة قد تبدو مسألة احتضان الفتيات في أسرة يوجد فيها فتية بالغين مسألةً حساسةً وربما مثيرةً للقلق، لذلك فإن إجراء دراسات الحالة والمسح الشامل للأسرة ومحيطها المجتمعي من أهم الخطوات الأولية التي يجب القيام بها قبل اتخاذ القرار بخصوص الاحتضان أو الكفالة.

س10. ما هي الخدمات التي يجب تهيئتها وتوفيرها لتحقيق تحوّل فعلي من الإيواء إلى العيش المستقل بمفهومه الشامل؟

ج10. من المهم تطوير استراتيجية وطنية تكفل توفير الخدمات الأساسية بأشكال مهيأة ضمن المجتمع المحلي بما في ذلك الخدمات الصحية والتعليمية وخدمات الدعم الأسري والتأهيل وغيره، وتقوم على مفاهيم التنمية المجتمعية الشاملة[7]. ويمكن بيان الخدمات الواجب توفيرها لتحقيق العيش المستقل عن طريق تصنيفها إلى نوعين رئيسيين:

  1. الخدمات العامة الأساسية المتاحة للجميع، على أن توفَّر بأشكال مهيأة وميسّرة وترتيبات تيسيرية معقولة، بحيث تتيح للأشخاص ذوي الإعاقة المنتقلين من المؤسسات الإيوائية إلى المجتمع المحلي وأسرهم الاستفادة منها باستقلال وخصوصية لضمان التمتُّع الكامل بحقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وممارستها بشكل فعّال ومستقل، بما في ذلك:

    • التعليم الدامج المستوعب لمتطلبات الطلبة ذوي الإعاقة في مختلف المراحل.

    • الرعاية الصحية الأولية والمتخصِّصة المهيأة بما في ذلك خدمات الكشف والتدخل المبكرين وخدمات الصحة الإنجابية والجنسية وخدمات الصحة النفسية.

    • برامج وخدمات التأهيل المهني والتقني الملبي لرغبات الأشخاص ذوي الإعاقة.

    • برامج التشغيل والعمل في القطاعين الحكومي والخاص ضمن بيئات عمل خالية من العوائق المادية والحواجز السلوكية.

    • اللجوء إلى القضاء ضمن بيئات تكفل الوصول المتساوي للعدالة في مراحل التحقيق والتقاضي وفي الشهادة وإبرام التصرفات القانونية المختلفة.

    • خدمات الائتمان والخدمات المصرفية باستقلالية وخصوصية تامّتين عن طريق اعتماد أنظمة ولوائح وتعليمات تتيح توظيف التكنولوجيا الرقمية المسانِدة إلى الحد الأقصى على أن تكون المؤسسات المصرفية مهيأة من الناحية الهندسية وأن تكون الكوادر العاملة فيها مدرَّبة على أصول التواصل مع الزبائن ذوي الإعاقات المختلفة.

    • خدمات الثقافة والرياضة والترفيه المهيأة.

    • تهيئة مرافق المشاركة السياسية وبصفة خاصة مراكز الاقتراع والمعلومات الانتخابية وتسهيل الانضمام للأحزاب والنقابات والتجمعات وغيرها.

    قبل الانتقال إلى الخدمات الخاصة والمتخصِّصة، تجدر الإشارة إلى أنه من الخطأ أن تنظر الجهات التنفيذية إلى بعض الخدمات على أنها مهمة والبعض الآخر يمكن التغاضي عنها. إذ كثيراً ما يسود اعتقاد لدى البعض أن الشخص ذي الإعاقة خصوصاً المتحرِّر من الإيواء هو بحاجة بالدرجة الأولى إلى الرعاية الطبية والتأهيلية من دون غيرها، حيث تتعمق بشكل أكبر النظرة الطبية في هذا السياق. لذلك يجب على القائمين على تفكيك المنظومة الإيوائية الالتفات إلى أن تكون كل خدمة في تصميمها وتنفيذها مؤديةً حتماً إلى تحقيق الاستقلالية الفردية والدمج الكامل في المجتمع والأسرة، الأمر الذي يستوجب توفير برامج دعم اتخاذ القرار[8] بصفتها من المتطلبات المتقاطعة مع مختلف مراحل تفكيك الإيواء وتصميم وتنفيذ بدائله، وكذلك ترسيخ مفاهيم التصميم الشامل في القطاعات كافة[9].

  2. خدمات العيش المستقل الخاصة والمتخصِّصة، وقبل الشروع في سرد أبرز هذه الخدمات يجب التنويه إلى أن كونها خاصة و/أو متخصِّصة لا يعني بأي حال توفيرها وتقديمها ضمن بيئات منعزلة عن المحيط المجتمعي، إذ يجب أن تكون ضمن المجتمع المحلي وعن طريقه تحقيقاً لمبدأ الدمج[10] الذي يوجب أن تكون الخدمات الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة جزءاً أصيلاً من منظومة الخدمات ومرافقها، فعلى سبيل المثال، لا يعني تقديم خدمة الحركة والتنقُّل للمكفوفين باستخدام العصا البيضاء أو كلب القيادة أن تكون متوفرة في مراكز منعزلة عن محيطها المجتمعي. وانطلاقاً من هذا المبدأ الرئيسي، يمكن إجمال أهم خدمات العيش المستقل المتخصِّصة على النحو الآتي:

    • خدمات دعم اتخاذ القرار خصوصاً لدى الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية والأطفال، تعتبر من الخدمات المتخصِّصة الأساسية المطلوبة لتحقيق العيش المستقل الذي قوامه احترام الخيارات والقرارات الفردية للشخص. وتتطلب هذه الخدمة خبراء وخبيرات في القانون والتواصل الفعّال واستقراء مكنون إرادة الشخص وتفسيرها بشكل دقيق ومؤتمن.

    • خدمة المُرافق الشخصي[11]، التي تعتبر عماد العيش المستقل للعديد من الأشخاص ذوي الإعاقة. وتقتضي هذه الخدمة وجود أفراد مدرَّبين بشكل احترافي على تقديم المساعدة للأشخاص ذوي الإعاقات المختلفة وفقاً لما يطلبونه، ويشمل ذلك المعاونة على ممارسة عدد من نشاطات الحياة اليومية التي قد تشمل نشاطاً منها أو أكثر بحسب طبيعة الإعاقة ودرجتها ومدى تهيئة البيئة المحيطة، ومن بين هذه الأنشطة: التنقُّل والقراءة والكتابة وتناول الأدوية وتناول الطعام والشراب وارتداء الملابس والمساعدة على دخول دورة المياه والاستحمام. والمُرافق الشخصي يقوم بعمله وفقاً لما يحدِّده الشخص ذي الإعاقة، ويجب أن تكون نفقات تدريبه وتوظيفه مغطاة من موازنة الدولة سواء كانت الحكومة المركزية أو السلطات المحلية.

    • خدمات الدعم النفسي والدعم التماثلي، لا ريب أن الانتقال من المؤسسات الإيوائية إلى المجتمع يرتب على الشخص ضغوطاً نفسيةً كبيرةً لكونه سوف ينتقل من بيئة أشبه بالسجن إلى المجتمع الخارجي بتفاعلاته وتناقضاته، لذلك فإن الدعم النفسي واستخلاص الإلهام من تجارب الآخرين عن طريق الدعم التماثلي يعتبران ركيزتان هامتان لإنجاح العيش المستقل.

    • التأهيل الجسدي والعلاج الوظيفي حسب الحاجة، حيث أن هذه الخدمات إن وجِدت أصلاً في المؤسسات الإيوائية، فإنها تكون بشكل عشوائي لا يراعي الفروق الفردية وغالباً بجودة منخفضة، لذلك فإن توفير هذه الخدمات يعتبر جوهرياً للعديد من الأشخاص ذوي الإعاقة عموماً وللمنتقلين من قيد الإيواء إلى حرية الدمج والعيش باستقلال على وجه الخصوص.

    • خدمات الحركة والتنقُّل، وذلك عن طريق إزالة العوائق المادية وتهيئة الطرق والأرصفة وتزويد الإشارات المرورية بالتنبيه الصوتي وتهيئة وسائط النقل وتدريب المشتغلين في قطاع النقل وشرطة المرور على أصول التواصل مع الأشخاص ذوي الإعاقة وكيفية عرض المساعدة وتقديمها. إضافة إلى التوظيف والتدريب الأمثل على الأدوات المسانِدة مثل العصا البيضاء وتتبُّع المؤشرات الأرضية وكلاب القيادة والكرسي المتحرك للمكفوفين وضِعاف البصر ومستخدمي الكراسي المتحركة وغيرهم.

    • خدمات الدعم الأسري، وتدريب الأسرة على أصول التواصل مع الأشخاص ذوي الإعاقة إضافة إلى تأمين الأدوات المسانِدة أو الخدمات التأهيلية المنزلية أو خدمات الرعاية الطبية أو مستلزمات ممارسة نشاطات الحياة اليومية بهدف الوصول إلى بيئة أسرية ومجتمعية خالية من العوائق المادية والحواجز السلوكية[12]. ولا بدّ من أن تطوِّر الأسرة قدراتها من أجل تلبية متطلبات الشخص ذي الإعاقة الذي يقيم في كنفها والتمكن من مواجهة الضغوط المجتمعية المحتملة المرتبطة بالوصمة أو عدم تقبُّل الإعاقة.

    • خدمات الدعم المالي للشخص ولأسرته، حيث أن تفكيك الإيواء يعود بفوائد ليس فقط اجتماعية وأخلاقية على الدولة، بل سيكون له مردود مالي حيث أن الدمج والعيش المستقل يعتبر الاستثمار الأمثل في الإنسان والمجتمع، لذلك فإن تمكين الأفراد والأسر من مجابهة ظروف الحياة الصعبة وتغطية نفقات المتطلبات الخاصة للعيش المستقل تعتبر من الضروريات، على أن يستند ذلك إلى دراسات حالة متوازنة وآليات رقابة ومتابعة تضمن الشفافية والفعالية لمثل هذا النوع من الدعم.

    • خدمات تأهيل المساكن[13] التي تضمن تهيئة منزل الشخص أو أسرته وإدخال التعديلات عليه[14] بما يحقق له حرية استخدام مرافقه كافة باستقلالية وأمان تامّين، ويشمل ذلك سهولة الوصول والدخول إلى المسكن واستخدام دورة المياه والمطبخ والغرف المختلفة، وهذا يتطلب أن يكون الأثاث والأدوات المنزلية مهيأة لاستخدام الشخص، وهو أمر سهل التحقيق مع الانتشار الواسع للمنتجات المصنَّعة وفقاً لمعايير التصميم الشامل أو إمكانية الوصول.

    • توفير وتوظيف التكنولوجيا المسانِدة إلى الحد الأقصى، حيث باتت هذه التكنولوجيا تلعب دوراً محورياً في التغلب على العديد من العوائق وتسمح للشخص ممارسة العديد من نشاطات حياته اليومية باستقلالية وخصوصية وفعالية.

    هذه الخدمات المتخصِّصة وغيرها ينبغي توفيرها بجودة عالية وبالتشاور الوثيق مع الأشخاص ذوي الإعاقة المعنيّين بها بالدرجة الأولى، كما يجب أن لا ترتب هذه الخدمات أعباء مالية على الأشخاص ولا على أسرهم لكونها من المتطلبات الأساسية للتمتُّع بحق أصيل وممارسته على أساس من المساواة مع الآخرين، ذلك هو الحق في العيش المستقل بمعناه الشامل وبمداه الكامل.


[1] DeWayne L. Davis, Wendy Fox- Grage, Shelly Gehshan. Deinstitutionalization of Persons with Developmental Disabilities: A Technical Assistance Report for Legislators. National Conference of State Legislatures. January 2000. Available at https://mn.gov/mnddc/parallels2/pdf/00s/00/00-DPD-NCS.pdf. Guidelines on deinstitutionalization, including in emergencies. IBID.

[2] IBID: Guidelines on deinstitutionalization, including in emergencies.

[3] Ham, R. “Alternatives to institutionalization”. American family physician vol. 22,1 (1980): 95-100.

[4] Causes of Institutionalization. Arab Digital Inclusion Platform. UNESCWA. Available at https://e-inclusion.unescwa.org/node/1283.

[5] Khadijah Madihi, Sahra Brubeck. take me home: An overview of alternative care (with focus on family-based care options) of children in asia. Available at: https://bettercarenetwork.org/sites/default/files/2022-03/take_me_home.pdf.

[6] United Nations Guidelines for the Alternative Care of Children. United Nations General Assembly. 2010. Available at https://resourcecentre.savethechildren.net/pdf/5416.pdf/.

[8] AMERICAN CIVIL LIBERTIES UNION (ACLU). How to Make a Supported Decision-Making Agreement. A Guide for People with Disabilities and their Families. Available at https://www.aclu.org/wp-content/uploads/legal-documents/sdm_packet_for_pwds_0.pdf.

[10] Mainstreaming disability in the new development paradigm, Evaluation of Norwegian support to promote the rights of persons with disabilities. Norwegian Agency for Development Cooperation (Norad). 2012. Available at https://www.oecd.org/derec/49825748.pdf. Thornton, P. Special and Mainstream Services in Europe, and the Case of the United Kingdom. Revue française des affaires sociales. 2005) pp.115-124. Available at https://doi.org/10.3917/rfas.052.0115

[12] Guidelines on deinstitutionalization, including in emergencies. IBID.

[13] IBID: Home Adaptations Consortium.

[14] Home Adaptations for Disabled People: A detailed guide to related legislation, guidance and good practice. Home Adaptations Consortium. 2011. Available at https://www.cieh.org/media/1249/home-adaptations-for-disabled-people-good-practice-guide.pdf.