دال. تمكين/عدم تمكين الأطفال في المقابلات مع أخصائيي الرعاية الصحية

يحقّ للأطفال، كما أُشيرَ سابقاً، المشاركة في كل الأمور التي تؤثر عليهم. إلا أن مجال الرعاية الصحية له خصوصيته، ويشتد فيه التجاذب بشكل واضح بين حماية الطفل ودعمه لزيادة مستوى استقلاليته.

وبسبب عدم ارتياح الأهل تجاه حالة الإعاقة التي يعاني منها أطفالهم ورغبتهم في السعي إلى منحهم أفضل مستقبل ممكن، غالباً ما تكون قراراتهم في متابعة "علاجات" طبية غير قابلة للجدال. لكن هذا لا يعني عدم إعطاء الأطفال فرصة التحاور مع البالغين، وطرح الأسئلة، والوصول إلى جميع المعلومات التي قد يحتاجونها لفهم ما سيحصل معهم. وتبيِّن الأمثلة التالية أنّ الأطفال غالبا ما يُّهمشون في المقابلات الطبية ولا يُعطَون فرصاً كافية للتعبير عن وجهات نظرهم وقلقهم.

قالت فتاة ذات إعاقة عمرها 18 عاماً من صربيا:

أعتقد أنه عليهم [أي أخصائيو الرعاية الصحية] أن يسألوا الطفل مباشرة، من غير أن يكون علي أن أتوجّه إلى أمي، ثم تسألهم أمي بعد ذلك، لأن هذا ما كان يحصل في معظم الأحيان كأن يكون لدي بعض الأسئلة فأتوجّه إلى أمي: "أمي، رجاءً اسألي عن هذا"، لأن آرائي لم تكن تهمهم.

وفي المثال التالي، شاب عمره 17 عاماً من صربيا يشرح كيف شعر بعد أن عاينه طبيب لم يولِ اهتماماً كافيا بقلقه:

في معظم الحالات، كان [أي الطبيب] يتجاهلني، فيتحدّث مع أمي وأبي فقط، متجاهلني تماماً، لذا... جلست هناك كأنني موضوع تجربةٍ لـ... لا أعلم... أفكاره الجديدة.

كما تحدثت فتاة ذات إعاقة من إنكلترا عن تجربتها عندما استيقظت بعد العملية الجراحية ولم يأخذ طاقم الرعاية الصحية ما شعرت به على مَحْمَل الجد:

كنت في حالة إعياء كبيرة من المورفين. لأنني لم أتفاعل جيداً معه. كنت في حالة إعياء كبيرة. وأعتقد أنه كان اليوم التالي بعد عمليتي. وقد حدثت مضاعفات كثيرة إلى جانب ذلك. شعرت أنني مريضة جداً، وكان وجهي متورماً، وأنا فقط، كنت مريضة. حقّاً لم أشعر أنني على ما يرام. واقترب المعالج الفيزيائي ليحاول أن يخرجني من السرير. لكنني كنت أهلوس. وأنا...أجل، لم أكن على ما يرام. واستمروا في محاولة إجباري على النهوض من السرير. كانوا يسحبون ساقي. وأنا... بالكاد استطعت أن أتكلم لأنني شعرت بالمرض الشديد. وقلت "لا، فقط دعوني وشأني". وألحوا كثيراً. وفي النهاية، قالت لهم أمي أن يخرجوا ويدعوني وشأني. لكنهم لم يتخلوا عن فكرة إخراجي من السرير. لكنني أردت فقط أن أهدأ. عندئذ شعرت أن لا أحد يسمعني.

تبيَّن من القصص التي رواها المشاركون في بحثي، أنّ دَور الأهل مهم في المقابلات الطبية لجهة الطريقة التي يعامِل بها أخصائيو الرعاية الصحية الأطفال. فمتى اعتبر الأهل أن مشاركة طفلهم مهمة، شجعوه على طرح الأسئلة أو أصروا على أن يفسر له أخصائيو الرعاية الصحية الوضع الراهن. فوضع الطفل إذاً في العلاقة الثلاثية الأهل-الطفل-أخصائي الرعاية الصحية يعتمد بقوة على نظرة البالغين لقدرة الطفل ونضجه، وعلى الأهمية التي يوليها البالغون لمشاركته. فإما يتصرف الأهل كحاجز أمام مشاركة الأطفال وإما كمصدر دعم لهم (Keravica, 2023).

شاركت فتاة ذات إعاقة عمرها 16 عاماً من إنكلترا تجربتها الإيجابية عن إشراكها في عملية اتخاذ القرار المتعلّق بعلاج مقترح، إذ اعتبر أهلها أنه من المهم أن تشارك في الاختيار والتحكُّم في ما سيحدث معها:

حسناً، أجلسني والديّ بعد بضعة أيام، وشرحا لي ما قد يحصل وأجابا على أسئلتي... عما إذا كنت أرغب في النتائج في حال لم أخضع للعملية، ومن ضمن هذه النتائج أن الألم سيزداد سوءاً. وأنني لن أتمكّن من السير على قدمي. وأخبراني تحديداً عما سيحصل. وعن المخاطر، لقد أخبراني فعلاً بكل شيء. وقالا إن الأمر عائد إلي. وإن القرار قراري. فتركا الأمر لي نوعا ما لكنهما أكدا أنهما بجانبي.

يبيِّن هذا المثال أن الأطفال والشباب لا يريدون أن يكونوا في موضِع المتفرجين ولا موضِع قلق للبالغين أثناء العلاجات الطبية. بل يريدون أن يشاركوا وأن يكون لهم رأي في ما يحصل لهم. وقدرات الأطفال تتطور عن طريق التجربة، ويجب أن تُفهم على أساس العلاقات مع الآخرين، وأن تُبنى من خلال العلاقات مع البالغين من جيل إلى جيل (Lansdown, 2005).