لا دمج إلا بمواجهة التحديات

أدرج عدد من البلدان الأعضاء في الإسكوا قضايا الإعاقة في الاستبيانات الخاصة بعمليات تعداد السكان لعام 2010، لكن الحاجة لبيانات متخصصة بالإعاقة ما تزال ملحة. وكان عدد من البلدان قد اعتمد الأسئلة التي وضعها فريق واشنطن المعني بإحصاءات الإعاقة[1]، إذ توفر أجوبتها بيانات متخصصة حول الإعاقة على مستوى الأسرة، وتمكن صانعي السياسات من تحديد معدلات الإصابة بالإعاقة بالتزامن مع غيرها من الأضرار كالفقر مثلاً.وبسبب انعدام الوعي الاجتماعي تلتصق بالأشخاص ذوي الإعاقة وصمة اجتماعية تشعرهم بأنهم مرفوضون من المجتمع فيحجمون عن المطالبة بحقوقهم. ويؤدي غياب الآليات التنظيمية التي يفترض أن تحمي الأشخاص ذوي الإعاقة من التمييز والتهميش إلى اعتماد هؤلاء، ومعهم الدولة، على دعم الأسرة وغيرها من مقدمي الرعاية. وتعتبر المرأة ذات الإعاقة الحلقة الأضعف في هذا الواقع لما تعانيه من تمييز مزدوج، أولاً لأنها امرأة وثانياً بسبب الإعاقة (انظر الإطار 1). 

الإطار 1- الإعاقة بين المرأة والرجل

تعاني المرأة ذات الإعاقة أكثر من الرجل الحرمان من فرص الحصول على السكن اللائق، والخدمات الصحية، والتعليم، والتدريب المهني والأجهزة المساعدة، وتعتمد أكثر منه على مؤسسات الرعاية. وتتعرض المرأة ذات الإعاقة للتمييز في مجال العمل فلا تتساوى مع غيرها في الراتب ولا في فرص الترقية لقاء القيام بالعمل نفسه، ونادراً ما تتاح لها فرص المشاركة في صنع القرار العام.

والمرأة ذات الإعاقة في منطقة الإسكوا هي من أكثر عناصر المجتمع تعرضاً للتهميش والضرر. ففي المجتمعات العربية المحافظة، تعيش المرأة ذات الإعاقة أسيرة التقاليد والأعراف الاجتماعية، التي تضعها في حلقة مفرغة، حيث تتعرض للتمييز، وتضيق أمامها فرص الزواج وتكوين الأسرة، والحصول على التعليم الملائم، والاستفادة من خدمات إعادة التأهيل، والمشاركة في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية.

 

واحتمال الإصابة بالإعاقة مرتفع في المنطقة بسبب انتشار أنماط الحياة غير الصحية، وعدم الاستقرار السياسي، وكثرة النزاعات المسلحة. وقد تغفل هذه المخاطر في البلدان العربية في ظل الانشغال بكثرة أعداد الشباب، لكن الحكومات أصبحت تعي أهمية التخطيط المسبق لشيخوخة سكانها وما سينتج منها من ارتفاع في الطلب على خدمات الرعاية، ولا سيما الرعاية الصحية.

وبالرغم من الالتزامات التي تعهدت بها البلدان العربية في إطار العقد العربي لذوي الاحتياجات الخاصة (2004-2013)، لم تتحول الإعاقة بعد إلى قضية من قضايا حقوق الإنسان. ويختلف تعريفها بين بلد وآخر وفقاً لعوامل متعددة، مثل درجة الإعاقة ونظرة المجتمع إليها. وحتى الآن لا يزال جمع البيانات وتحديد الإجراءات على مستوى السياسة العامة يخضع للمبادئ الطبية المعتمدة في إعادة التأهيل وتأمين الرعاية (انظر الإطار 2).

الإطار 2- العقد العربي لذوي الإعاقة 2004-2013

ركزت خطة عمل العقد العربي لذوي الاحتياجات الخاصة (2004-2013) على 11 محوراً هي التعليم؛ والصحة؛ والتشريع؛ والتأهيل والعمل؛ المرأة ذات الإعاقة؛ والطفل ذو الإعاقة؛ والمسن ذو الإعاقة؛ وتسهيل التحرك والتنقل؛ والعولمة والفقر؛ والإعلام والتوعية المجتمعية؛ والرياضة والترفيه.

وتنص خطة العمل على تشكيل لجان وطنية تضم ممثلين عن المؤسسات الحكومية المعنية والجمعيات العاملة في مجال الإعاقة وجمعيات الأشخاص ذوي الإعاقة لمتابعة تنفيذ العقد وإعداد تقرير سنوي عن كل بلد يُقدم إلى الأمانة الفنية لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب.

 

ونظم الحماية الاجتماعية المتوفرة في المنطقة هي نظم مجزأة تتبع طبيعة سوق العمل، ولا تشمل في معظم الحالات العاملين في القطاع غير النظامي، وهو القطاع الذي يعمل فيه معظم الأشخاص ذوي الإعاقة.

وهذه التحديات مجتمعة تحد من مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع ومن استقلاليتهم.


[1] الأسئلة متاحة عبر الرابط http://www.cdc.gov/nchs/washington_group/wg_questions.htm