آليات التنسيق

المادة 33 (1)

تولي الدول الأطراف [...] الاعتبار الواجب لمسألة إنشاء أو تعيين آلية تنسيق داخل الحكومة لتيسير الأعمال ذات الصلة في مختلف القطاعات وعلى مختلف المستويات.

يطلب الجزء الثاني من المادة 33 (1) من الدول الأطراف أن تنظر في إنشاء آلية تنسيق لتيسير تنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. وعلى الرغم من أن هذا البند ليس شرطاً، إلا أنه يمكن أن يسهم إسهاماً كبيراً في تعميم مراعاة مسائل الإعاقة في جميع المؤسسات الحكومية وضمان اتباع نهج منسّق ومتّسق إزاء تنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. وكما هو الحال مع جهات التنسيق، لا تحدد المادة 33 تركيبة آليات التنسيق أو ولايتها، ولذلك فإنها قد تتخذ أشكالاً متعددة وتضطلع بوظائف مختلفة. 

الهيكلية والتركيبة

كثيراً ما يتم تصميم آليات التنسيق على شكل مجالس أو لجان تتألف من ممثلين عن مختلف الوزارات والهيئات الحكومية الأخرى. وفي بعض الحالات، ينتمي ممثلو منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة ومنظمات المجتمع المدني الأخرى إلى عضوية آليات التنسيق أيضاً.[1] وكثيرا ما يكون لآليات التنسيق أمانة توجد في كثير من الحالات في وزارات الشؤون الاجتماعية.[2] ولدى عدد من آليات التنسيق لجان فرعية تنسق الجهود المبذولة على صعيد اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك في مجالات مواضيعية معينة أو على مستوى الولايات أو المقاطعات أو المناطق. وعلى سبيل المثال، فإن هذا هو الحال في موريشيوس، حيث تضم اللجنة الوطنية المعنية بتنفيذ الاتفاقية ورصدها عدداً من اللجان الفرعية التي تركز على مسائل مثل التعليم والتدريب والعمالة وإمكانية الوصول.[3]

ومن الناحية المثالية، ينبغي أن تتسم آليات التنسيق بتمثيل وزاري واسع النطاق، بما في ذلك ليس فقط الوزارات المرتبطة تقليدياً بالإعاقة (مثل وزارات الشؤون الاجتماعية والتعليم والصحة)، بل أيضاً غيرها من الجهات التي تؤدي دوراً رئيسياً في صنع السياسات العامة (مثل وزارات المالية والتخطيط والثقافة). ومن الأهمية بمكان أيضاً أن يكون لدى الممثلين المعينين في آلية التنسيق خبرة تقنية كافية بشأن مسائل الإعاقة، وأن يكون منصبهم رفيعاً بما يكفي للحث على التغيير داخل وزاراتهم، وأن يتّسم تعيينهم في الآلية بنوع من الاستمرارية. وتنطبق هذه الشروط بصفة خاصة على رئيس آلية التنسيق، نظرا ً إلى أنه يجب عليه/عليها تنسيق عمل آلية التنسيق والإجراءات التي تتخذها مختلف الوزارات.

الربط بين جهات التنسيق وآليات التنسيق

وتمثل طبيعة العلاقة بين جهات التنسيق وآليات التنسيق مسألة رئيسية تركتها المادة 33 (1) معلّقة. وفي حين أن تفاصيل هذه العلاقة تختلف من بلد إلى آخر، فإن للدول ثلاثة خيارات عامة في هذا الصدد. أولاً، يمكن أن تكون آليات التنسيق وجهات التنسيق الرئيسية هي نفس الكيان (مثل إيطاليا[4] والمملكة المتحدة[5] ). ثانياً، يمكن أن تكون الآليتان مترابطتين؛ فعلى سبيل المثال، يجوز لجهة التنسيق أن ترأس آلية تنسيق (الدانمرك[6]) أو قد تعمل جهة تنسيق في إطار آلية التنسيق القطرية (تايلند[7]). وأخيراً، قد تختار بعض البلدان الإبقاء على جهة التنسيق الرئيسية وآلية التنسيق منفصلتين، وتوزّع المسؤوليات والمهام بين الاثنتين (ألمانيا).[8]

المهام

تتوقف المهام المسندة إلى آلية تنسيق معينة، إلى حد ما، على علاقتها بجهة التنسيق الرئيسية. و يتم الجمع بين المسؤوليات إذا كانت آلية التنسيق تؤدي كذلك دور جهة التنسيق الرئيسية في البلد. وفي حين أن إضفاء هذه المركزية على المهام له مزاياه، فإن هذه التركيبة تعني اتساع نطاق ولاية آلية التنسيق، الأمر الذي يتطلب بدوره موارد بشرية وتقنية ومالية كبيرة. ومن ناحية أخرى، إذا كانت آلية التنسيق وجهة التنسيق الرئيسية مترابطتين أو منفصلتين، باستطاعة الدول توزيع المهام بين الجهتين. ويمكن تشبيه توزيع المهام هذا ككيان مؤلف من عقل وجسد. فتعمل جهات التنسيق الرئيسية بوصفها "العقل" من خلال التركيز بشكل أكبر على وضع جدول أعمال السياسات المتعلقة بالإعاقة ودفعه إلى الأمام، في حين تعمل آلية التنسيق بوصفها "الجسد"، ضامنة اتباع الوزارات الحكومية نهجاً منسّقاً ومتّسقاً في تنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. وكما ذكر ديبيكو (de Beco) وهوفمانز (Hoefmans):

"... وفي نظم الدولة التي لا يُسنَد فيها التنسيق العام إلى جهة تنسيق رئيسية، لا تشارك آلية تنسيق مستقلة في الإعداد الفعلي لسياسات حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وبالتالي يمكن أن تشكّل هذه قاعدة محايدة تتوحد من خلالها مختلف فصائل صنع السياسات... وهذا الفرق طفيف ولكنه مهم، فهو يضمن تمييزاً واضحاً ما بين أدوار الآليات المتعددة لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة".[9]

وحتى لدى فصل مهام جهة التنسيق الرئيسية عن مهام آلية التنسيق بشكل واضح، من الضروري أن تكون لدى الطرفين قنوات متينة للتعاون. وينبغي على وجه الخصوص أن يعمل الطرفان معاً بشكل وثيق في إعداد التقارير الأولية والدورية التي تقدمها الدولة إلى لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وأن يتعاونا كذلك في مجالات أخرى مثل جمع البيانات والإحصاءات.


[1] De Beco, 2015, p. 15.

[2] التنفيذ والرصد على الصعيد الوطني: مذكرة من الأمانة (CRPD/CSP/2014/3)، الصفحة 4.

[3] التقرير الأولي لموريشيوس عن تنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD/C/MUS/1)، الصفحة 50

[4]التقرير الأولي للمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وآيرلندا الشمالية عن تنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD/C/GBR/1)، الصفحات 58-59؛ و de Beco, 2011, pp. 38-39.

[5]Ferri, 2015.

[6]التقرير الأولي للدانمرك عن تنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD/C/DNK/1)، الصفحة 52.

[7]ردود تايلند على قائمة المسائل المتعلقة بالتقرير الأولي (CRPD/C/THA/Q/Add.1)، الصفحة 19.

[8]التقرير الأولي لألمانيا عن تنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD/C/DEU/1)، الصفحة 61.

[9] de Beco and Hoefmans, 2013, p. 26.