جدول المحتويات:
المقدمة والسياق العام
زيادة على وضعيتها الجيو-طبيعية تواجه موريتانيا عجزا مطريا شبه دائم ونقصا مزمنا في مجال إنتاج الحبوب (30% من الحاجيات هي التي تتم تغطيتها) وهذا العجز المطري، إضافة إلى موجات الجراد التي تجتاح البلد والتي قد تتكرر هو السبب في الأزمات الغذائية التي تحدث من حين لآخر ويشكل الفقراء وخاصة منهم الأطفال والنساء والمسنين والعاجزين، أول ضحاياها فالهشاشة كبيرة وعدم استقرار أسعار المواد الغذائية في فترات الشح يؤدي إلى مصاعب جمة في الحياة اليومية للأسر.
وهكذا خلق تتابع الأزمات الظرفية (الجفاف، اجتياح الجراد، الفيضانات، موجات البرد، آفات الزراعة... إلخ) في السنوات الأخيرة وضعية عدم أمن غذائي شبه بنوية أثرت بعمق في الوسط الريفي وجعلت ظروف معيشة السكان هشة وصعبة. ويعتبر الاختلال في توازن آليات الأمن الغذائي مصدر جزء كبير من المشاكل الغذائية الحالية وهو الذي يساهم إلى درجة كبيرة في زيادة حدة الأزمات.
ويبقى سوء التغذية مشكلة خطيرة في موريتانيا وخاصة بالنسبة للسكان الفقراء في المناطق الريفية الذين يتعرضون كذلك لمشاكل عدم الأمن الغذائي وعدم النفاذ المباشر أو المالي إلى الخدمات الأساسية والعادات الغذائية السيئة للأسر والأفراد والمرتبطة بالتقاليد وطرق العيش. يتسبب سوء التغذية (قلة الغذاء، النقص في جودة الغذاء) وبجميع أشكاله في الوفيات والأمراض وخاصة عند النساء والأطفال. وبصفة عامة يرتبط سوء التغذية بثلث وفيات الأطفال الأقل من خمس سنوات. ويتوزع سوء التغذية الحاد وهو بنسبة 12,7% بين الشكل المعتدل (11,7%) والشكل الأكثر حدة (1%). وتتفاقم نسبة تفشي نقص الوزن عند الأطفال الأقل من خمس سنوات حيث انتقلت من 39,4% سنة 2008 إلى 43% سنة 2010. وتبين المؤشرات زيادة ملحوظة في نسبة الأسر التي تعاني من صعوبات مزمنة في تلبية حاجياتها الغذائية.
تتميز الوضعية البيئية بصفة عامة بنظام مطري شديد التقلب ودائم العجز وبإتلاف الأشجار لأسباب طبيعية وبفعل الإنسان والإضرار بالغلاف النباتي مما يؤدي إلى تسريع التعرية في ثلاثة أرباع التراب الوطني وإلى نقص فعلي في إنتاجية الأراضي (الأراضي الجافة).
ويعتبر التصحر وما ينجر عنه من أبرز تجليات التقلبات المناخية في الأنظمة البيئية في موريتانيا. ويتسبب اختفاء الغطاء النباتي فعلا في زحف كبير للرمال وفي تصحر الأراضي حسب طبيعة الأرض. وبدوره يشهد المحيط القروي والحضري صعوبات ترتبط بمختلف أشكال التلوث. وتطرح نوعية ماء الإستهلاك والصرف الصحي مشاكل جمة للصحة العمومية. وقد تقهقرت طبيعة الهواء في المراكز الحضرية الكبرى (نواكشوط ونواذيبو) بفعل وجود كميات متزايدة من غازات عوادم السيارات الملوثة خاصة وأن أكثرية هذه السيارات قديمة وتستخدم وقودا رديئا.
نتيجة لذلك، وفي أفق إستراتجية عملية للحماية الاجتماعية ينبغي إعطاء عناية خاصة لمجموعات المنتجين والمستهلكين الهشة ولضحايا التقلبات البيئية المرتبطة بالتغيرات المناخية والكوارث الطبيعية.
يقدم هذا المحور ثلاثة محاور فرعية متميزة هي : الأمن الغذائي، التغذية، البيئة والتغيرات المناخية.