ألف. النتائج التقديرية لنماذج المشاركة في القوى العاملة

بالنسبة للنموذج 1، تبلغ النسبة المئوية التي أحسن هذا النموذج التنبّؤ بها حوالي 83 في المائة، وتبلغ المساحة الواقعة تحت منحنى خصائص تشغيل جهاز الاستقبال 0.9، مما يشير إلى أداء ممتاز وقوي ودقيق للنموذج[1].

يتمّ عرض نتائج هذا النموذج في العمودين الأولين من الجدول 3. وتتفق النتائج إلى حدّ كبير مع التوقّعات التي تطرحها النظرية الاقتصادية. فتكون المُعامِلات ذات دلالة إحصائية مهمّة عند مستوى ثقة يبلغ 99 أو 95 في المائة، باستثناء فئة المتزوجين، والمتغيّر الحضري/الريفي، وفئة التعليم الثانية، ومعدل البطالة على مستوى المحافظات. بعبارة أخرى، فإن الزواج لا يؤدي إلى احتمال أكبر أو أقل لدخول القوى العاملة من عدم الزواج أبدا. علاوة على ذلك، فإن العيش في المناطق الحضرية أو الريفية ليس له أي تأثير إحصائي على احتمال التواجد في سوق العمل[2]. أما بالنسبة للتعليم، فإن الشخص الحاصل على شهادة ابتدائية لا يختلف عن الشخص الأمي في احتمال المشاركة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المتغيّرات كانت غير ذات أهمية في كافة نماذج التحليل الانحداري (لوغيت) المقدرة.

وطالما أن مُعامِلات نماذج اللوجيت غير قابلة للتفسير بسهولة، فإن المناقشة تعتمد على نسب الأرجحية المبلَّغ عنها. في ما يتعلق بالسؤال الرئيسي لهذه الورقة، تظهر النتائج أن كون الشخص ذو إعاقة يقلّل بشكل كبير من احتمال دخوله القوى العاملة، أي بنسبة 13 في المائة، مع الحفاظ على العوامل الأخرى ثابتة.

أما بالنسبة للمتغيّرات الأخرى، فليس من المستغرب أن يرتبط كون المرء أنثى باحتمالات أقل للمشاركة (نسبة الاحتمالات هي 0.053). وقد يسلّط هذا الأمر الضوء على الأدوار التقليدية للأسر المعيشية أو الحواجز القائمة التي يمكن أن تعوق مشاركة المرأة في القوى العاملة، وهو ما تؤكده الأدبيّات ذات الصلة بالفجوة بين الجنسين في سوق العمل. بالنسبة للعمر، ثمة نمط متزايد في نسب الأرجحية على طول الفئات الثلاث الأولى مقارنة بالفئة العمرية (19-15)، ثم يظهر نمط متناقص. لذلك، ومع تقدم الأفراد في السن، يزداد احتمال المشاركة حتى يصلوا إلى الفئة العمرية (49-40)، وعند هذه النقطة يبدأ الاحتمال في الانخفاض[3].

أما في الحالة الزوجية، فيقلّ احتمال انضمام الأفراد المطلقين/الأرامل إلى القوى العاملة بنسبة 17 في المائة تقريباً، مقارنة بمجموعة الضبط "التي لم يسبق لها أن تزوجت". بالنسبة للثروة، فالنمط متناقص في احتمالات المشاركة التي تتناسب مع أخماس الثروة الأكثر ثراءً مقارنة بالخمس الأكثر فقراً. فعلى سبيل المثال، يرتبط الانتقال من الخمس الأفقر إلى الخمس الأغنى بتراجع احتمالات التواجد في سوق العمل بنسبة 31 في المائة تقريباً.

وتجدر الإشارة بوجه خاص إلى التعليم لأنه عامل قوي يؤثر على احتمال المشاركة في سوق العمل. وكما تكشف النتائج، ثمة زيادة في نسب الأرجحية في مستويات التعليم الأعلى، ممّا يعني أن مستوى التعليم العالي يتوافق بشكل كبير مع احتمال أكبر للمشاركة في سوق العمل. ويرتفع احتمال الانضمام إلى القوى العاملة بين الأفراد الحاصلين على تعليم عال 5 مرّات بالمقارنة مع الأفراد الأميين. من ناحية أخرى، فإن الالتحاق بالتعليم الإعدادي أو الثانوي العام يقلل كثيراً من احتمال الانضمام إلى القوى العاملة بالمقارنة مع الأفراد الأميين. وقد يُعزى ذلك إلى واقع أن مجرد التحاق الأطفال بالمدارس، يزيد من أرجحيّة أن يواصلوا التعليم بدلاً من دخولهم سوق العمل. وخلاصة القول إن الاستثمار في التعليم له تأثير إيجابي على مشاركة الشخص في سوق العمل، على ما يبدو.

وعلاوة على ذلك، تكشف النتائج أن الأشخاص الذين هم أرباب الأسر المعيشية هم أكثر احتمالاً بثلاث مرات للمشاركة في سوق العمل من أولئك الذين ليسوا أرباب أسر معيشية. وعلاوة على ذلك، كلما زاد حجم الأسرة المعيشية، زاد احتمال دخول الشخص إلى سوق العمل.

بحسب الأدبيّات، إنّ تأثير الإعاقة على احتمال المشاركة رهن بحجم العوامل الاجتماعية والاقتصادية الأخرى. لذلك، للتحقيق في كيفيّة تفاعل الإعاقة مع هذه المتغيّرات، تتمّ بلورة حدود تفاعل بين حالة الإعاقة وكلّ من المتغيّرات الاجتماعية والاقتصادية الأخرى، بحسب السعدني ومتولي (El Saadani and Metwally, 2019). وتبيِّن نتائج النموذج 2 أن التفاعلات بين الإعاقة والنوع الاجتماعي، والإعاقة ووضع الشخص في الأسرة المعيشية هي ذات دلالة إحصائية عند القيمة الاحتمالية <0.01. علاوة على ذلك، يشير اختبار نسبة الاحتمال (p-value=0.0000) إلى أن النموذج الذي يحتوي على أحد حدّي التفاعل أو على كليهما يتناسب بشكل أكبر من نموذج خط الأساس. وهذا يعني أن العلاقة بين المشاركة والإعاقة تعتمد على الأرجح على النوع الاجتماعي وحالة الأسرة المعيشية للشخص. ويقلّل كون المرء أنثى من احتمالات المشاركة في سوق العمل أكانت من الأشخاص ذوي الإعاقة أو من الأشخاص الذين ليس لديهم إعاقة (نسبتا الأرجحية هما 0.1 و0.05 على التوالي). ومن ناحية أخرى، فإن الإعاقة بين الذكور تقلّل بدرجة كبيرة من احتمال المشاركة في سوق العمل بنسبة 43 في المائة تقريباً. ومع ذلك، فإن كون المرأة ذات إعاقة يزيد بشكل كبير من احتمالات مشاركتها في سوق العمل بنسبة 20 في المائة تقريباً مقارنة بالنساء غير ذوات الإعاقة. تشير هذه التقديرات إلى أن عواقب الإعاقة أكبر على الذكور منها على الإناث. وليست هذه النتيجة بمفاجئة فحتّى أن البيانات الأوليّة التي تشير إلى أن معدل مشاركة الإناث ذوات الإعاقة في سوق العمل (23.7 في المائة) أعلى من معدل مشاركة أقرانهن غير ذوات الإعاقة (20.7 في المائة) ويؤكّد التحليل الوصفي الوارد في Sieverding and Hassan, 2019 هذه النتائج.

عندما نضيف حدّ التفاعل الآخر، تكشف النتائج أن كون المرء رب الأسرة يزيد من احتمالات المشاركة في سوق العمل للشخص ذي الإعاقة (نسبة الاحتمالات هي 2.2) وأكثر للشخص غير ذي الإعاقة (نسبة الأرجحية هي 3.3). من جهة أخرى، فإن الإعاقة بين الذكور من غير أرباب الأسر المعيشية تقلل إلى حد كبير من احتمال مشاركتهم أي بنسبة 27 في المائة.

وتؤدّي النتيجة القائلة بأنّ الإعاقة تقلّل من احتمال المشاركة في سوق العمل إلى سؤال يتعلّق بتأثير أنواع الإعاقة على احتمالات المشاركة في سوق العمل. عليه، فبدلاً من استخدام متغيّر افتراضي واحد يشير إلى وجود إعاقة، تمّت بلورة أربعة متغيرات افتراضية للإعاقة في مجالات الحركة أو السمع أو الرؤية. أما بالنسبة للقيمة الافتراضية الأخيرة، فهي في مجال الإدراك أو الرعاية الذاتية أو التواصل.

تُظهر نتائج النموذج 3، المعروضة في الجدول 3، أنّ الإعاقة الحركية أو الإدراكية أو في الرعاية الذاتية أو التواصل تقلّل بشكل كبير من احتمال المشاركة. وترتبط الإعاقة الحركية بانخفاض احتمال المشاركة بنسبة 28 في المائة تقريباً، مقارنة بالأشخاص ذوي الإعاقة أو الأشخاص الذين ليس لديهم إعاقة الآخرين. إضافة إلى ذلك، تميل الإعاقة الإدراكيّة أو في الرعاية الذاتية أو التواصل إلى تقليل احتمالات الانضمام إلى القوى العاملة بنسبة 13 في المائة تقريباً. وتجدر الإشارة إلى حقيقة أن المتغيّرات التي تشير إلى إعاقة سمعيّة وبصريّة ليست ذات دلالة إحصائية. ويعني هذا الأمر أن هذه الأنواع من الإعاقة ليس لها تأثير إحصائي على احتمال المشاركة في سوق العمل. كما تجدر الإشارة إلى أن نتائج المتغيّرات الأخرى قويّة بشكل عام لأنها تظل من دون تغيير جوهري على النماذج المختلفة.

المصدر: احتُسِبت باستخدام المسح التتبُّعي لسوق العمل المصري (2018).