التقاطعية، حاجز أمام النفاذية الرقمية

إن تداخل بعض الحواجز الاقتصادية والاجتماعية في بلد ما يحتم على صانعي السياسات الوطنية التنبّه إلى الحواجز التقاطعية التي تعيق النفاذية الرقمية للأفراد أو المجتمعات الأضعف في مناطقها أو مجتمعاتها. وتركز التقاطعية على ضرورة الاستماع إلى أصوات أولئك الذين يعانون أشكالاً متداخلة من أنواع الاضطهاد، وذلك من أجل فهم مسبّبات أوجه عدم المساواة والعلاقات فيما بينها في سياق معين. فقد تنشأ هذه الأشكال المتداخلة والمتزامنة من القمع عن عدد من العوامل بما في ذلك النوع الاجتماعي، والجنسية، والعرق، والعمر، ووضع الأقلية (مثل المهاجرين)، والطبقة الاجتماعية والاقتصادية.

وإن الانتباه إلى التقاطعية أمر أساسي من أجل وضع سياسة وطنية شاملة للنفاذية الرقمية لكل من يقيم على أرض الدولة. وتتنوّع أشكال الحواجز التي تمنع النفاذية الرقمية للأشخاص ذوي الاعاقة والتي تضاف إلى الحواجز المتعلقة مباشرة بإعاقتهم. ولابد من النظر في العوامل المسببة للحواجز التقاطعية وإيجاد الحلول لها بما يعيد التوازن إلى امكانية النفاذية الرقمية لجميع الاشخاص ذوي الاعاقة، ويساعد في تعزيزها للمستهدفين من تنفيذ السياسة الوطنية. مثلاً، تواجه النساء من ذوي الاعاقة عقبات أكثر تحول دون تمكنهن من الحصول على النفاذية الرقمية مقارنة بسائر النساء، والنساء المهاجرات من ذوي الاعاقة يواجهن عقبات إضافية. وهكذا. صفوة القول في هذا الشأن أن المقاربة التقاطعية تمكن من فهم الأبعاد المختلفة التي تؤثر في إمكانية النفاذ للإنترنت والنفاذية الرقمية.

1- المرأة

لا يخفى أن المرأة تواجه تحديات فريدة في جميع أنحاء العالم، وتمتد الفجوة الجنسانية في كافة المجالات والبلدان، ومعها تقل الفرص المتاحة للمرأة في الحصول على التكنولوجيات الرقمية واكتساب المهارات الرقمية التي تمكّنها من المشاركة والاستفادة منها. ولذلك، فإنه من الضروري اعتماد منظور النوع الاجتماعي عند وضع سياسة النفاذية الرقمية التي تأخذ في الاعتبار التحديات التي تواجهها المرأة في المنطقة العربية، وذلك من أجل أن تساهم السياسات الرقمية في الحدّ من اتساع هذه الفجوة ومن أجل تعزيز الشمول الرقمي.

وتبين إحصاءات الاتحاد الدولي للاتصالات التفاوت في استخدام الإنترنت بين الجنسين، ويبين الجدول التالي الإحصاءات لبعض الدول العربية حيث نسبة الرجال من النفاذية الرقمية للأشخاص ذوي الاعاقة والتي تضاف إلى الحواجز المتعلقة مباشرة بإعاقتهم. ولابد من النظر في العوامل المسببة للحواجز التقاطعية وإيجاد الحلول لها بما يعيد التوازن إلى امكانية النفاذية الرقمية لجميع الاشخاص ذوي الاعاقة، ويساعد في تعزيزها للمستهدفين من تنفيذ السياسة الوطنية. مث اً، تواجه النساء من ذوي الاعاقة عقبات أكثر تحول دون تمكنهن من الحصول على النفاذية الرقمية مقارنة بسائر النساء، والنساء المهاجرات من ذوي الاعاقة يواجهن عقبات إضافية. وهكذا. صفوة القول في هذا الشأن أن المقاربة التقاطعية تمكن من فهم الأبعاد المختلفة التي تؤثر في إمكانية النفاذ للإنترنت والنفاذية الرقمية.

الجدول_.  استخدام الإنترنت للفرد ووفق الجندر من أي مكان في البلدان العربية (السنة الأخيرة)

البلد السنة الأخيرة كافة الأفراد الجندر
الرجل المرأة
الجزائر 2018 49 55.1 42.9
البحرين 2018 98.6 98.7 98.5
مصر 2018 46.9 52.4 41.3
الكويت 2018 99.6 99.5 99.8
المغرب 2018 64.8 68.5 61.1
سلطنة عُمان 2019 92.4 90.6 96.8
فلسطين 2018 64.4 68.5 60.2
دولة قطر 2019 99.7 100 99.3
المملكة العربية السعودية 2018 93.3 94.6 91.4
السودان 2016 14.1 16.9 11
الإمارات العربية المتحدة 2018 98.5 98.3 98.8

المصدر: إحصاءات الاتحاد الدولي للاتصالات، ملف إحصاءات متعلقة بالجندر وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات (2020)، وتتوفر عبر الصفحة: https://www.itu.int/en/ITU-D/Statistics/Pages/stat/default.aspx

فضلا عن ذلك، فإن استخدام التقاطعية يعني وجوب التعرف على السياقات التاريخية المحيطة بالقضايا الجندرية في البلد المعني والمحيط الثقافي كذلك. وقد أوجدت السياقات التاريخية الطويلة من العنف والتمييز المنهجي أوجها متنوعة من عدم المساواة العميقة التي ما برحت تضر المرأة على عدة أصعدة. وتتقاطع أوجه عدم المساواة هذه مع بعضها البعض. فعلى سبيل المثال، يتقاطع الفقر والأنظمة الطبقية والعنصرية والتمييز على أساس الجنس وحرمان الناس من حقوقهم ومن تكافؤ الفرص، وهي ممارسات امتدت تأثيراتها عبر الأجيال[1].

2- الأطفال

أعلنت الأمم المتحدة أن للأطفال الحق في الحصول على رعاية ومساعدة خاصة. وبناء على أن الأسرة هي النواة الأساسية للمجتمع والبيئة الطبيعية لنمو الأطفال ورفاهم، ينبغي أن يتاح لها الحق في الحماية والمساعدة اللازمة لتباشر مسؤولياتها بالكامل داخل المجتمع. وكما ورد في إعلان حقوق الطفل، "يحتاج الطفل، بسبب عدم نضجه البدني والعقلي، إلى ضمانات ورعاية خاصة، بما في ذلك الحماية القانونية المناسبة، قبل الولادة وبعدها".

3- الأقليات

تعاني مجموعات سكانية في مناطق مختلفة حرماناً تتفاوت نسبته من مكان إلى آخر بمجرد أنها من ضمن الأقليات. من هنا بات ضرورياً  أن تراعي السياسة الوطنية الأفراد ذوي الإعاقة التابعين إلى هذه الأقليات. وعلى السياسة الوطنية للنفاذية الرقمية أن تأخذ في الاعتبار الظروف الإقليمية الفريدة للأقليات والتي غالباً ما تُستبعد من سياسة النفاذية الرقمية.

الحرمان من نظام الحقوق: إن بعض الأشخاص الذين هم من ضمن الأقليات داخل مجتمعاتهم لا يحصلون على أبسط حقوقهم، وقد يرجع ذلك لكونهم لا يملكون الوثائق المناسبة، أو بسبب التمييز الاجتماعي. من هنا، يجب أن تُراعي سياسة النفاذية الرقمية هذه الأنواع من التهميش وأن تُتاح خدمات النفاذية الرقمية لكل المواطنين والمقيمين في الدولة على قدم من المساواة بما ينسجم مع مقررات حقوق الإنسان.

الحواجز اللغوية: بعض الأقليات تواجه صعوبات بسبب لغتها الأم. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تهميشها على صعيد الوصول إلى الخدمات الأساسية. ولكل مجتمع ظروفه الفريدة، لذلك يجب أن تراعي سياسة النفاذية الرقمية الناجحة التنوع اللغوي والثقافي للمنطقة من أجل تلبية احتياجات المستخدمين على نطاق أوسع، في إطار مبدأ "التصميم الشامل"

4- الطبقة الاجتماعية والاقتصادية

يؤدي الفقر داخل وسط معين إلى الحرمان المستمر الذي يزيد من تقليص إمكانية تحقيق النفاذية الرقمية فضلاً عن أنه يؤدي إلى تفاقم المعاناة الناشئة عن الإعاقة. وتعاني الفئات من ذوي الإعاقة معاناة غير متناسبة نظراً لوجود عوامل أخرى كثيرة تحيط بالطبقة الاجتماعية والاقتصادية الأفقر مثل نقص التعليم، وعدم الوصول إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ونقص الإلمام بها. وحتى تكون سياسة النفاذية الرقمية ناجحة لا بد من تحديد التحديات الاقتصادية والاجتماعية القائمة وأخذها في الاعتبار عند معالجة المسائل المتعلقة بالنفاذية الرقمية.


[1] https://www.unwomen.org/en/news/stories/2020/6/explainer-intersectional-feminism-what-it-means-and-why-it-matters. منظمة المرأة العالمية – الأمم المتحدة – Intersectional feminism: what it means and why it matters right now -  July 1, 2020- Brazil, Valdecir Nascimento.