إستراتيجية تعبئة الموارد

يكشف التحليل المعروض في الجزء السابق حول التمويل العمومي لنفقات الحماية الاجتماعية خلال العامين 2010 و 2011 عن أن جهد التضامن الوطني المعتمد على الموارد العمومية تجسد في تمويل عديد من التدخلات اتخذت أشكال شبكات ضمان ومساعدات اجتماعية والتكفل بعلاجات لصالح المعوزين وترقية تشغيل الشباب العاطلين وبرامح استعجالية إضافة إلى أنشطة أكثر هيكلية استهدفت تمويل أصول منتجة.

وفي غياب تقديرات دقيقة لحاجيات تمويل الحماية الاجتماعية خلال العامين 2010 و 2011، يصعب الحكم على ما إذا كان مستوى التمويل كافيا أم لا. وبالمقابل، تشير المعلومات والمعطيات المتوفرة إلى أن الاحتياجات في هذا المجال تبقى مرتفعة جدا حتى الآن. إن الهدف من هذا التحليل هو البحث عن مصادر تمويل عمومية أو خصوصية لتطوير أو خلق حيز في الميزانية قادر على تحمل نفقات الحماية الاجتماعية.

وفي هذا المنحى، فإن هذا الجزء من الدراسة يخصص قسمه الأول لحيز الميزانية الذي ربما ينتج عن الإطار الاقتصادي الكلي ويقترح خيارات لتوسيعه. وسيتناول هذا الجزء، في قسمه الثاني، تشخيص وتحليل خيارات جديدة، على مستوى القطاع الخاص، بحثا عن تمويلات إضافية لنفقات الحماية الاجتماعية.

حيز الميزانية المرتقب

جرت العادة بوجود خيارين لخلق حيز في الميزانية: زيادة الادخار العمومي بواسطة الإيرادات (بما في ذلك من خلال الإصلاح الضريبي) وترشيد النفقات و\أو تعبئة موارد إضافية في شكل هبات أو قروض.

ويرتبط هذان الخياران، من بين عناصر أخرى، بطبيعة متغيرات الاقتصاد الكلي الأساسية وخاصة النمو (التأثير على الإيرادات) ونوعية إجراءات الإصلاحات المالية العمومية (ومدى تاثيرها على الإيرادات وعلى النفقات).

سيبدأ هذا القسم بدراسة النمو المستقبلي للحيز في الميزانية بالاعتماد على تقديرات ميزانوية تم تحديدها في إطار الاقتصاد الكلي الوطني الممتد على الفترة 2012- 2015 والذي يأخذ في الحسبان آفاق البلد الاقتصادية من جهة وأهداف الميزانية الكلية كما هي محددة في إطار الاتفاق المبرم مع صندوق النقد الدولي. وتندرج الدراسة الحالية إذن في إطار خيارات تم تبنيها من قبل في مجال استقرار الاقتصاد الكلي والواقعية  الميزانوية ونجاعة المديونية. بعد ذلك ستوسع الدراسة التفكيرحول مجموعة من الخيارات التي من شأنها السماح بخلق حيز في الميزانية خارج قيود الضوابط الميزانوية الكلية، محاولة كل مرة، إبراز حدود كل واحد من الاختيارات المقترحة ومقدمة، قدر الإمكان، تقديرات معبر عنها بالأرقام (وذلك على سبيل المثال) عن مدى تأثيرها على صعيد تعبئة الموارد.

توصي المذكرة الصادرة عن لجنة صندوق النقد الدولي بمناسبة مأموريتها في أكتوبر2011 حول إصلاح دعم مواد الطاقة والمواد الغذائية، باتخاذ جملة من التدابير لتوسيع وخلق حيز في الميزانية قادر على تمويل برامج حماية اجتماعية لصالح المجموعات الأكثر هشاشة. ومن بين الإجراءات الموصى بها، توجيه مساعدات دعم مواد الطاقة ودعم المواد الغذائية الحالية نحو مساعدات محددة لحماية المواطنين الأكثر فقرا من ارتفاع ألأسعار من خلال وضع نظام سندات لشراء القنينات الصغيرة بأسعار منخفضة وتطبيق تعرفة اجتماعية موحدة لصغار مستهلكي الكهرباء وتعزيز برامج لترقية إنتاجية صغار المزارعين والمنمين.

حيز الميزانية

حيز الميزانية هو مجموع الموارد الداخلية (إيرادات ضريبة وإيرادات غير ضريبة وقروض داخلية) والموارد الخارجية (قروض وهبات) وزيادة الادخار العمومي بواسطة التحسين من ترشيد النفقات العمومية.

يتعلق الجزء الأول من هذا التعريف أي الموارد الداخلية بالطبيعة المستقبلية للنمو والمردودية الضريبية (مجهود التحصيل ونتائج الإصلاحات الضريبية) وبنظرة الوكلاء الاقتصاديين المحليين الذين يوقعون على قروض الدولة، إلى مصداقية المالية العمومية. أما الجزء الثاني من التعريف فهو مشروط بتوفر الموارد على المستوى الدولي ومصداقية الدولة والإستراتيجية الوطنية في مجال تعبئة الموارد وفعالية إصلاح تسيير النفقات العمومية.

إن إسقاطات الاقتصاد الكلي والميزانية خلال الفترة 2012 – 2015 تحمل على الاعتقاد بأن هوامش ميزانوية سيتم تحقيقها لتمويل مزيد من أنشطة الحماية الاجتماعية. فعلا فإن وتيرة النمو ستسجل تسارعا قياسا إلى السنوات الماضية (انظر النقطة السابقة) مما سيؤدي إلى ارتفاع حيز الميزانية من خلال زيادة الإيرادات الضريبية. وكذلك فان متغيرات حيز الميزانية الأساسية ستتطور على الشكل الآتي:

  • الإيرادات الميزانوية الداخلية المتكونة من الإيرادات (ضريـبية وغير ضريبية وبترولية) ومساهمة صندوق المحروقات (المقيدة في جانب تمويل جدول العمليات المالية للدولة)، ستبلغ 392,1 مليار أوقية خلال العام 2015 بعدما كانت 324,9 مليار أوقية عام 2010. وبالنسبة للفترة 2011 – 2015 فإن وتيرة النمو المتوقعة لهذه الإيرادات ستكون بمعدل 3,9% للسنة وهو مستوى يقل نسبيا عما كان عليه خلال الفترة 2006 – 2010 (+12,9%) بعد اللجوء إلى موارد صندوق المحروقات في العامين 2006 و 2009).
  • القرض الداخلي: سيعرف تطورا متفاوتا. ذلك أنه باستثناء السنتين 2008 و 2009 اللتين ضاعفت الدولة خلالهما اللجوء إلى القرض الداخلي بمعدل 33 مليار أوقية لتمويل عجزها الميزانوي، فإن اللجوء إلى هذا النوع من التمويل تناقص بشكل واضح حيث وصل إلى 3,8 مليار أوقية عام 2010. وتشير توقعات الفترة 2011 – 2015 إلى أن التمويل الداخلي سيصل إلى 8,7 مليار أوقية مع ميل إلى الانخفاض وسيكون سالبا في العام 2015 (- 1,6مليار أوقية). يوهم هذا التطور بأن الدولة تمتلك قدرات استدانة يمكن استغلالها مساهمة في تمويل إضافي لنفقات الحماية الاجتماعية (انظر حدود هذا الخيار في النقطة الخاصة بخلق حيز الميزانية).
  • ميل الهبات إلى التناقص: باستثناء العام 2006 الذي عرف فيه حجم الهبات ارتفاعا معتبرا جراء استفادة البلد من المبادرة متعددة الأطراف لتخفيف المديونية. وهكذا انتقل هذا الصنف من التمويل من 16,3 مليار أوقية عام 2007 إلى 6,1 مليار أوقية عام 2009 قبل أن يسجل ارتفاعا خلال العامين 2010 و 2011 ويصبح في تناقص ليستقر عند 7,3 مليار أوقية عام 2015. تأخذ خيارات تعبئة الموارد للتمويل الإضافي لنفقات الحماية الاجتماعية بعين الاعتبار ضرورة عكس هذا الميل إلى التناقص (انظر العنوان الخاص بخلق حيز الميزانية)
  • استقرار الديون: التي سيكون حجمها قرابة 23 مليار أوقية خلال الفترة 2011 – 2015 مسجلا بذلك ارتفاعا طفيفا في آخر الفترة ليصبح 39 مليار أوقية ويظل رغم ذلك تحت مستوى ما كان عليه عام 2010 أي 33,5 مليار أوقية. ولا تمثل تعبئة الديون الخارجية لتمويل نفقات الحماية الاجتماعية الخيار المقترح لخلق حيز الميزانية لأسباب تتعلق بنجاعة الاستدانة.

بخصوص خلق حيز الميزانية بواسطة زيادة الادخار الميزانوي من خلال ترشيد النفقات العمومية، يجدر التنبيه إلى أن الدولة اتخذت جملة من الإجراءات في هذا الاتجاه (التخلي عن التكفل بالسكن، القضاء على التزويد بالبنزين، التخلي عن شراء السيارات والحد من مخصصات التسيير) مما نتج عنه انخفاض هذه النفقات. وبالفعل، تشير توقعات الميزانية إلى أن هذا المسلسل سيتواصل وأنه سيعكس نموا محدودا لهذه النفقات (مع معدل 2,8% بالنسبة للفترة 2012 – 2015 مقابل نمو سالب بمقدار(– 1,3% بين 2009 و2011). وسيسمح بدء تنفيذ المخطط الرئيس للمالية العمومية بتحسين فعالية وفاعلية نظام تسيير الأموال العمومية.[1]

جدول 7: موارد الميزانية (مليار أوقية) 2006 - 2015

  2006 2007 2008 2009 2010 2011 2012 2013 2014 2015 معدل2006-2010 معدل 2011-2015
موارد داخلية للميزانية 301,5 251,3 267,7 288,9 321,1 318,5 320,4 339,5 349,4 393,7    
نسبة النمو 81,6 -16,7 6,6 7,9 11,1 -0,8 0,6 5,9 2,9 12,7 18,1 4,3
تمويل مصرفي داخلي -38,7 3,0 43,2 22,2 3,8 7,0 9,4 6,4 4,2 -1,6    
هبات 252,5 16,3 6,5 6,1 13,0 19,6 12,1 12,0 11,9 7,3   12,6
نسبة النمو 2348,8 -93,5 -60,0 -6,8 114,3 50,8 -38,5 -0,4 -0,6 -39,1   -5,6
قرض خارجي -210,8 17,3 9,4 13,5 33,5 22,2 23,1 20,3 21,3 29,0   23,2

المصدر:الإطار الاقتصاديالكلي والميزانوي + حساباتنا

الخيارات من أجل زيادة حيز الميزانية

علاوة على الإسقاطات أعلاه والمتعلقة بخلق حيز الميزانية للفترة 2012 – 2015، فإن الخيارات التي يمكناستكشافها لتحقيق فوائض لتمويل نفقات الحماية الاجتماعية يمكن أن تكون كالتالي (علما بأن تنقديرات التأثير المالي لبعض الخيارات هي على سبيل الاسترشاد:

  • خلق ضريبة تمكن تسميتها مساهمة في التضامن الاجتماعي: يمكن دفع هذه الضريبة من طرف كل الوكلاء الاقتصاديين الوطنيين بمن فيهم العمال. فيما يعني العمال، يمكن احتساب الضريبة على أساس الراتب الشهري وبنسبة 1% مثلا. تودع العائدات الحاصلة من هذه الضريبة في حساب صندوق التضامن الاجتماعي (راجع التقديم الخاص به). أما بالنسبة للمؤسسات، فيمكن احتساب الضريبة على أساس الأرباح الصافية. وحسب التقديرات، فإن تطبيق هذه الضريبة على مجموع عمال الدولة ربما يوفر ما يناهز 1 مليار أوقية سنويا خلال الفترة 2012 – 2015.
  • زيادة الإيرادات الضريبية من خلال الحد من التهرب من الضرائب ورفع الضغط الضريبي: نظرا إلى المكانة التي يحتلها القطاع غير المصنف في الاقتصاد الوطني وإلى مستوى الضغط الضريبي (قسمة الإيرادات الضريبية \ الناتج الداخلي الإجمالي)، فان التوقعات كما هي في سياق الاقتصاد الكلي المتبع، تشير إلى أن هذا المعدل سيظل، طوال الفترة 2012 – 2015 قريبا مما كان عليه خلال الفترة 2009 – 2011 أي 13,9% مقابل 13,7%  مما يعنى أنه سيبقى أقل من %15 كحد مقبول كالعادة.
  • تعميق العجز الميزانوي بما يعادل 1% من الناتج الداخلي الخام سنويا: سيتجسد هذا الخيار في حجم 3,5 مليار أوقية تقريبا خلال الفترة 2012 – 2015 يمكن توجيهها نحو تمويل نفقات الحماية الاجتماعية. يمكن لهذا الخيار أن يكون موضوعيا لو أن الدراسة اعتمدت رصيد الميزانية كأساس بعد مرعاة الإيرادات البترولية والهبات المرتقبة، علما بأن معدل الهبات يعطي نسبة تكاد تكون لاغيه. يمكن البحث عن التمويل التكميلي عن طريق تعبئة الهبات تجنبا للآثار السلبية للتمويل بواسطة سك النقود على التضخم مع مراعاة نجاعة الدين. من المفهوم أن هذا الخيار ليس مطابقا لأهداف الميزانية المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي وأن اعتبار الإيرادات البترولية والهبات مع كونهما غير دائمين على عكس الإيرادات الضريبية الأخرى، كل ذلك من شأنه إضعاف مردودية تمويلات الميزانية. كذلك، فان هذا الاختيار ينبغي له أن يكون الملاذ الأخير إذ من الضروري ترك هوامش لميزانية الدولة كي يتسنى استخدامها عند حدوث وضعية اقتصادية سيئة أو بروز صدمات أو أزمات مفاجئة.
  • سحب إضافي من صندوق المحروقات: ستوجه المبالغ الحاصلة من هذا الخصم خصيصا لتمويل نفقات الحماية الاجتماعية. تكمن حدود هذا الخيار في كون موارد هذا الصندوق غير دائمة وأنها قد تتسبب في إضعاف الميزانية. لذلك، فإن مستوى هذا الخصم سيكون بمثابة "وسيلة ضبط" وسيتم تحديده في آخر المطاف حسب الحاجات و حسب درجة تعبئة مصادر التمويل الأخرى.
  • تنظيم مناصرة من أجل تعبئة مزيد من الهبات الخارجية: اعتبارا لمستوى المديونية ولحاجة البلد إلى مواصلة بحثه عن قروض ميسرة ونظرا إلى انه استفاد من تسهيلات ضمن إطار مبادرة "البلدان الفقيرة عالية المديونية"، فإنه من المناسب التركيز على مناصرة الهبات. ستنطلق المناصرة من التعهدات الدولية (ك: بلوغ أهداف الألفية من أجل التنمية،) ومن الوعي بضرورة تنمية أنظمة حماية قوية حتى في البلدان المتقدمة.

يقوم بعض أهم مانحي الدعم العمومي من أجل التنمية كالبنك الدولي والاتحاد الأوروبي بتصور أو تطبيق استراتيجيات دولية في مجال الحماية الاجتماعية كما أن الأزمات الأخيرة وما يترتب عليها من هشاشة وبطالة يشجعان تطوير هذه الأنظمة. ثم إن المناصرة من اجل الحصول على هبات مطالبة هي الأخرى بتعبئة هبات دائمة وقابلة للتقدير كي يتم التأكد من أن هذه النفقات ستكون متواصلة. في هذا السياق، ستولي المناصرة عناية خاصة لاهتمامات ممولي البلد كل على حدة (البنك الدولي مثلا يهتم بشبكة التأمين والاتحاد الأوروبي يهتم بالشؤون الاجتماعية ...). وينبغي كذلك تعبئة المنظمات غير الحكومية لحملها على الإسهام بقوة في المناصرة.

  • التطبيق الصارم لإجراءات ترشيد النفقات: من أجل رصد مزيد من الوفورات التي يمكن تخصيصها واستخدامها لتمويل عجز نفقات الحماية الاجتماعية. ويمكن لهذا الخيار أن يمر عبر تدقيق للنفقات العمومية تحذف بموجبه، وبشكل تدريجي، كل النفقات غير المنتجة كما يمكنه أن يتجسد في انتقاء أحسن لمجالات المساعدة على أن يتم التخلي عن الأنشطة التي لا تعود بالفائدة على السكان الأكثر هشاشة. ويمكن التعويل على هذا النوع من الإجراءات بحكم تضافر الإرادة السياسية المعلنة بخصوص ترشيد النفقات العمومية والقضاء على مصادر الفساد والحد من مصاريف الإدارات فضلا عن النتائج المرتقبة من بدء تنفيذ المخطط الرئيس للأموال العمومية الذي تمت المصادقة عليه مؤخرا.
  • إعادة تخصيص الموارد: يركز هذا الجانب أكثر فأكثر على نفقات الحماية الاجتماعية وسيكون تطبيق هذا الخيار ممكنا في إطار الجهود الرامية إلى وضع آليات برمجة ميزانوية (من نوع إطار النفقات على المدى المتوسط، الميزانية المبرمجة) تراعي الأولويات الوطنية المتفق عليها في الإطار الاستراتيجي لمحاربة الفقر، المرحلة الثالثة وتستفيد من هوامش يمكن استغلالها وفق الإجراءات المشار إليها في النقطة السابقة.

صندوق التضامن الاجتماعي

أهداف ومهام الصندوق

يرمي صندوق التضامن الاجتماعي إلى خلق ومركزة التمويلات ضمن هيئة وحيدة من أجل تحمل النفقات التكميلية للحماية الاجتماعية (زيادة على النفقات على حساب ميزانية الدولة). كما يسعى إلى الإسهام في الجهود الرامية إلى مواجهة العجز في هذا المجال. يمول الصندوق من موارد يتم جمعها (على الأقل بالنسبة لجزئه الخاص) في إطار تمويل الحماية الاجتماعية.

سيمكن الصندوق من ضبط ومأسسة أنشطة الحماية الاجتماعية الكثيرة التي لم تزل تجرى بعيدا عن كل إطار قانوني. أما آليات تسييره فهي رهن الإطار المؤسسي الذي سيتم إنشاؤه لإدارة وتنفيذ إستراتيجية الحماية الاجتماعية (انظر تقديم الإطار المؤسسي). تؤكد الدروس المستوحاة من بعض الدول الإسلامية والعربية التي قامت بتجارب استهدفت التعبئة المنظمة لموارد حاصلة من الزكاة (الأردن والسودان) أن هذا العامل أساسي في نجاحات وإخفاقات هذا النوع من الإجراءات.

ستتولى الهيئة التي ستكلف بإدارة وبدء تنفيذ الإستراتيجية الوطنية في مجال الحماية الاجتماعية تحديد كيفيات تسيير الصندوق وإجراءات تنفيذ الموارد. ومن أجل تشجيع الأشخاص والمؤسسات على الإسهام في الصندوق، يلزم أن تكون الإجراءات التي سيتم وضعها لتسييره شفافة بالكامل.

تمويل الصندوق

في إطار إستراتيجية الحماية الاجتماعية، تقترح عدة خيارات تتعلق أساسا ب : (أ)  مأسسة أموال الزكاة (ب) الإسهام في المجهود الوطني للتضامن الاجتماعي (ج) الهبات الخاصة و (د) تعبئة التمويلات الخارجية.

بخصوص مأسسة أموال الزكاة، يجب التذكير بأن الزكاة فرض على الممتلكات النقدية والعينية (من ذهب وفضة ومواشي وزراعة وأرصدة مصرفية...) الباقية في الذمة خلال حول والتي تتجاوز قيمتها النصاب (النصاب هو أدنى حد تفرض بموجبه الزكاة) وتؤدي بنسبة 2,5% من هذه القيمة.

وهكذا فإن المتوفر من المعلومات يجعلنا نتصور أن الإمكانات المتاحة لتعبئة موارد مالية من الزكاة قد تكون مهمة. ومع ذلك فمن الصعب جدا أن نحاول تقدير قيمة هذه الإمكانات وبرمجة مستوى التمويل الذي يمكن توخيه منها، وفي حالة كهذه هنالك بعض العناصر التي يمكن أخذها في الاعتبار لتسهيل هذه التعبئة ومن بينها:

  • إيجاد إطار قانوني لضبط هذه العملية. يجب أن يتم تشاور واسع حول هذا الموضوع وخاصة مع مجموعات العلماء ( انظر الدراسة المبرمجة في خطة العمل)
  • التفكير (اعتمادا على اللقاءات مع العلماء والاستماع إلى آرائهم) في كيفيات التغلب على تحديات كثيرا ما يتعرض لها من بينها، على سبيل المثال، ما تعود عليه البعض من اختيار من يعطيهم الزكاة وعدم قبول تكليف آخرين بالقيام بالمهمة مكانه.
  • استغلال العناصر التي يمكنها أن تسهم في إنجاح تجربة مأسسة أموال الزكاة. وفي هذا الصدد هنالك مبرر آخر يكمن في كون عملية الزكاة في المدن أصبحت أكثر تعقيدا لذلك فان الكثيرين من الأشخاص يفضلون أن يكلفوا بها غيرهم.

وفيما يتعلق بالمساهمة في التضامن الاجتماعي، فإن الإستراتيجية تقترح خلق آليات لتعبئة المشاركات في التضامن الاجتماعي. وستدفع هذه المشاركات من طرف المؤسسات الخصوصية الوطنية والشركات الأجنبية المقيمة على التراب الوطني وخاصة تلك العاملة في قطاعي المعادن والبترول وعمال القطاعين العام والخاص.

وأخيرا الهبات الطوعية الخاصة والأوقاف ويمكن استخدامها وفق مقتضيات الشريعة الإسلامية مقابل القيام بأعمال تخدم الأمة أو لتمويل نفقات في إطار الحماية الاجتماعية.


[1]  - هذا المخطط مستوحى من توصيات تقييم نظام تسيير المالية العامة عام 2009.