الإطار العام لتصميم سياسة وطنية للنفاذية الرقمية

الأسباب الموجبة. الأهداف. التحديد والتوزين. مراقبة التنفيذ (الرصد). التقييم. رصد النتائج وردود الفعل.

إن الهدف من هذه الوثيقة هو دعم صناع سياسة النفاذية الرقمية في المنطقة العربية في تعزيز السياسة والقوانين الوطنية الخاصة بالاشخاص ذوي الاعاقة عبر وضع سياسة مخصّصة للنفاذية الرقمية، تتيح لهم الخدمات والمحتوى الخدمي الرقمي الحكومي والعام المنشور عبر المواقع الإلكترونية والتطبيقات الهاتفية وأكشاك الخدمات والصرافات الآلية.

وتحدد سياسة النفاذية الرقمية الإطار العام الذي سيدعم عملية التحول الشامل والتدريجي نحو النفاذية الرقمية ويقودها، وفق معايير معتمدة وطنياً ومتوافقة مع المعايير العالمية.

إن تصميم السياسة الوطنية للنفاذية الرقمية يخضع لنفس خطوات إنجاز السياسات الحكومية الأخرى.

يعتمد النموذج المقترح لوضع السياسة الوطنية للنفاذية الرقمية على دورة الأساس المنطقي والأهداف والتقييم والرصد والتغذية المرتدة (ROAMEF). وقد اعتمدت الحكومة البريطانية هذه الدورة كنموذج معياري لبناء السياسات، والتحسين المستمر لها وكأداة لضمان تحقق صانعي السياسة مما إذا كانت برامج التغيير تحقق أهدافها. وتمثل الدورة جسراً بين السياسة العامة وبين إنجاز العمل على مستوى القطاعات. ومن خلال هذه الدورة، يجري تقييم السياسات والبرامج والمشاريع[1].

هذا لا ينفي وجود نماذج بناء سياسات أخرى مهمة ومن الممكن استخدامها مثل "النموذج الرشيد لبناء السياسة"[2].

النموذج الرشيد لبناء السياسات، الذي طوره هريبرت سيمون عالم الاجتماع والنفس الحائز على جائزة نوبل، يشبه نوعاً ما نموذج "العمليات"، غير أنه يضيف إلى العملية بعض الخطوات التي تناسب تحقيق أهداف محددة ضمن الحدود التي تفرضها ظروف وقيود محددة. وفي نموذجه، ينفذ تحليل السياسات من أجل الوصول إلى قرارات رشيدة عبر عملية تتألف من خمس مراحل تشمل:

  1. جمع البيانات وتنظيمها؛
  2. تحديد المشكلة؛
  3. تقييم تبعات تداخلات السياسة؛
  4. مقارنة التداخلات بمجموعة من القيم المعيارية؛
  5. اختيار الخيار المفضل مع موافقة أصحاب المصلحة.

وقد أثبت "النموذج الرشيد" أنه مفيد في العديد من عمليات صنع القرار، إلا أنه يتضمن مواطن ضعف متعددة، يرتبط الكثير منها بالافتراضات التي يستند اليها النموذج، والتي لا تصلح بأكملها. كما يهمل النموذج دور المجتمع المدني والقطاع الخاص فيما يتعلق بتخطيط السياسات وتنفيذها.

 

إن تصميم السياسة اعتماداً على دورة الأساس المنطقي والأهداف والتقييم والرصد والتغذية المرتدة يساعد في ربط السياسات العامة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني بناء على أن تلك القطاعات الخدمية التي تعمل ضمن المجالات السياسية، والاقتصادية، الاجتماعية، التقنية، التشريعية، والبيئية والتي تحدد فضاءات العمل العام في كل دولة.

وقد استخدمت الحكومة البريطانية هذا النموذج وروّجت له في إطار صنع السياسات في بريطانيا وذلك لضمان حصول صناع السياسات على مؤشرات إنجاز تساعد في التأكد من أن سياستهم تحقق أهدافها. 

وتتضمّن معظم أدلة بناء السياسات الخاصة بالنفاذية الرقمية في ملاحقها التنفيذية الارشادات المخصصة لكبار مسؤولي الإدارات الحكومية المعنية بتعزيز النفاذية الرقمية، (الوزراء، ومعاونيهم المعنيين بالنفاذية الرقمية، والمسؤولين عن الإشراف ومتابعة التنفيذ، وكبار موظفي قسم تكنولوجيا المعلومات، ورؤساء التواصل، ومديري إدارة المواقع الإلكترونية الخدمية).

ملاحظة 1: إن وضع الأهداف لأي سياسة وطنية للنفاذية الرقمية لا يكتمل إلا بعد وضع مجموعة من خيارات الحلول المتعددة لتلك السياسة وآليات تنفيذها، ودراسة أثر السناريوهات المختلفة، ودراسة الجدوى الاقتصادية لكل من تلك الخيارات، وكلفة استدامتها، وأيضا للأثر المتوقع لها.  ومن الممكن لكل خيارٍ أن يُعدل ترتيب الأهداف وتصميم سياسة تستفيد مباشرة من اتباع قواعد إنجاز السياسات "ROAMEF" وأدوات التحليل "PESTLE" وأدوات بناء الأهداف وفق "SMART"، وذلك بناء على أن سياسة النفاذية الرقمية تعدُّ من السياسات العابرة للمؤسسات (عام – خاص – أهلي).  ولا شك أن عملية تصميم السياسة الوطنية للنفاذية الرقمية ستستفيد من الالتزام بمعايير محددة في وضع سيناريوهات الحلول ومقارنة نتائجها وزمن تنفيذها وكلفتها، وذلك ضمن قوالب محوكمة تساعد في عملية الاختيار للأفضل وطنيا. ملاحظة 2: إن احتساب كلفة كل حل من الحلول التي تتصدى لها السياسة التنفيذية ومقارنته بمردوده الاقتصادي والاجتماعي، على المدى القصير، والمتوسط، والبعيد، هو أحد عوامل نجاح أو فشل السياسة الوطنية للنفاذية الرقمية. فالسياسات الوطنية التي تتجاوز إمكانيات الرصد المالي السنوي المخطط لها محكوم عليها مسبقا بعدم التنفيذ لنقص التمويل. ملاحظة 3: إن الاهتمام بالحصول على ردود الفعل والتغذية المرتدة المباشرة والتغذية المرتدة من أصحاب المصلحة (بما في ذلك مقدمو الخدمة العامة، والجمعيات الأهلية المتخصصة، والمستفيد النهائي من السياسات الوطنية) ركيزة أساسية لتحقيق التحسين المستمر للسياسة ونتائجها، والذي ينبغي أن ينبني على أدلة.


[1] https://www.instituteforgovernment.org.uk/sites/default/files/publications/Policy%20making%20in%20the%20real%20world.pdf. Institute for government. POLICY MAKING IN THE REAL WORLD. Evidence and analysis- 2003: The ROAMEF policy cycle- Page #25.

[2] هيربرت، سيمون Simon, Herbert -(1976) السلوك الاداري Behavior Administrative (الطبعة الثالثة).  نيويورك: مطبعة فري برس The Free press. الرقم الدولي المعياري للكتاب: 0-684-83582-7، من المرجع "دليل تحليل السياسات – مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط " دسيمبر 2016- اعداد برنامج الشراكات مع المجتمع المدني - POMED- Project on Middle east democracy الصفحة (4) – الرابط للمرجع:https://pomed.org/wp-content/uploads/2018/03/POMED-Policy-Analysis-Guide-2016-AR-1.pdf.