النقاش

تعرّف منظمة الصحة العالمية التكنولوجيا المساعِدة على أنها "المنتجات المساعِدة والنُظُم والخدمات ذات الصلة التي تمّ تطويرها للأفراد للحفاظ على أدائهم الوظيفي أو تحسينه، وبالتالي تعزيز رفاههم" (منظمة الصحة العالمية، 2016). يمكن تعريفها بشكل أكثر تحديداً على أنها التكنولوجيا المستخدَمة باستمرار لدعم الأفراد ذوي الإعاقة ليصبحوا أكثر استقلالية. رغم العمل الدؤوب على ابتكار تكنولوجيات مساعِدة جديدة وتطويرها، لا بدّ من تقييم مدى استعداد الأشخاص ذوي الإعاقة فعلياً لاستخدام هذه التكنولوجيات.

لمعرفة ذلك، سألنا المستجيبين الذين يعانون من شتّى أنواع الإعاقات عمّا إذا كانوا سيستخدمون 13 نوعاً من التكنولوجيات الرقمية المساعِدة. فتبيّن أنّ معظم المستجيبين، أياً كانت طبيعة القصور أو الإعاقة التي يعيشون معها، قد يرحّبون بالأجهزة القابلة للارتداء وتنبيهات الذكاء الاصطناعي والروبوتات، ويستخدمونها باستمرار. أكدّت الدراسات السابقة أيضاً أنّ الأشخاص الذين يعانون من إعاقات معيّنة قد يستفيدون إلى حدٍّ كبير من هذه التكنولوجيات المساعِدة. على سبيل المثال، وافق كوك وإنكارناساو وآدامز (2010) على أنّ الروبوتات تساعد الأشخاص الذين يعانون من إعاقات حركية في اللعب والأنشطة الأكاديمية. فهي لا تخوّلهم المشاركة بشكل فاعل في الأنشطة وحسب، مع ما لهذه المشاركة من تأثير مباشر على تنمية مهاراتهم المعرفية والاجتماعية واللغوية، بل توفّر أيضاً وسيلةً لتقييم مدى إدراك الأطفال للمفاهيم المعرفية عند تعذّر استخدام الاختبارات المعيارية بسبب قيود حسية أو لغوية.

رغم إبداء رغبة عارمة في استخدام الأجهزة القابلة للارتداء، واستخدام هذه التكنولوجيا بشكل متزايد في إطار العمل والمنزل والأنشطة الترفيهية، لا يزال المجال متاحاً لتحسينها. فهذه التكنولوجيات، باعتبارها أدوات تعزيزية للتواصل والتحكّم والمعلومات، لا يجوز أن تكون صالحة للاستخدام وحسب، بل ينبغي أيضاً أن تكون متاحة وشاملة لأشخاصٍ من ذوي إعاقات مختلفة. وقد تسمح الأجهزة القابلة للارتداء، عند حسن تصميمها، للمستخدِمين ذوي الإعاقات بقدر أكبر من المشاركة المدنية والمجتمعية (Moon, Baker & Goughnour, 2019).

رحّب الأشخاص من ذوي إعاقات بصرية، كما الأشخاص ذوو الإعاقات الذهنية، بنُظُم الملاحة القابلة للنفاذ. ولاقت تنبيهات الذكاء الاصطناعي ترحيباً خاصاً لدى ذوي الإعاقات الذهنية الذين كانوا أيضاً منفتحين على التكنولوجيات المساعِدة الأخرى، كالتنبيهات المعتمدة على تحديد الموقع، والواقع المعزّز، والروبوتات، ومساعِدات التواصل الذكية، والكراسي المتحركة المستقلة. لا بدّ من التشديد أيضاً على أنّ هذه الآراء قد تعكس أيضاً احتياجات مقدمي الرعاية، إذ في كثير من الحالات أجاب مقدمو الرعاية بالنيابة عن الأشخاص ذوي الإعاقة. في الواقع، لقد ضمّت هذه الدراسة 21 إجابة من أشخاص آخرين أجابوا بالنيابة عن صاحب الإعاقة الذهنية. من حيث المبدأ، كان يُفترَض بالأشخاص المذكورين أن يعكسوا آراء ذوي الإعاقات الذهنية، لكنهم عبّروا على الأرجح عن آرائهم الشخصية أيضاً، وإن عن غير قصدٍ (Gjertsen, 2019).

في إطار التكنولوجيات المساعِدة، كان الأشخاص ذوو الإعاقات الذهنية للأسف ممثلين تمثيلاً ناقصاً، مع أنّ الدراسات السابقة كشفت أنّ التكنولوجيات المساعِدة الذكية قد تُفيدهم للغاية. فوفقاً لـ (Morash-Macneil, Johnson & Ryan, 2018)، يمكن للتكنولوجيات المساعِدة أن تسهم في دعم مهارات التوظيف لدى الأفراد ذوي الإعاقات الذهنية من خلال زيادة أدائهم في العمل على صعيد الإنتاجية والتنقُّل وإدارة الوقت وإتمام المهام.

اعتبر ذوو الإعاقات السمعية أنّ التعليقات التوضيحية الآلية وتنبيهات الذكاء الاصطناعي أدوات مفيدة. ورحّب ذوو الإعاقات البصرية بنُظُم الملاحة القابلة للنفاذ والروبوتات وحلول الواقع المعزّز. أمّا الأشخاص ذوو الإعاقات الجسدية فرحّبوا بمروحة واسعة من الحلول المتخصصة، بدءاً بالكراسي المتحركة المستقلة وصولاً إلى الحلول الأعم، كالأجهزة القابلة للارتداء والروبوتات والخدمات المعتمدة على تحديد الموقع والواقع المعزّز إلى حد ما. وكما كان متوقعاً، بدت العصا الذكية والتعليقات التوضيحية الآلية أدوات متخصصة في نظر ذوي الإعاقات البصرية والسمعية. لكنّ الأقل توقعاً إلى حدّ ما كان الترحيب الذي لاقته نُظُم الملاحة القابلة للنفاذ ليس فقط لدى الأشخاص ذوي إعاقة بصرية، بل لدى الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية أيضاً. وكانت تنبيهات الذكاء الاصطناعي موضع ترحيب خاص لدى ذوي الإعاقات الذهنية الذين أبدوا أيضاً انفتاحهم على مروحة واسعة من التكنولوجيات المساعِدة الأخرى، كالتنبيهات المعتمدة على تحديد الموقع، والواقع المعزّز، والروبوتات، ومساعِدات التواصل الذكية، والكراسي المتحركة المستقلة.

تؤكّد النتائجُ التي توصّلنا إليها ما أشار إليه البحث السابق لناحية أنّ التكنولوجيات الرقمية المساعِدة تزيد الفوائد التعليمية والنفسية والاجتماعية لدى الأشخاص ذوي الإعاقة (McNicholl, Casey, Desmond, & Gallagher, 2021; Jamwal, Jarman, Roseingrave, E., Douglas, J., & Winkler, D. (2020))). لكن، فليكن بعلم المستخدِمين والقيِّمين على التكنولوجيا المساعِدة بأنّ عوامل معيّنة، كالتدريب غير الكافي وأوجه القصور في الجهاز وتوافر الدعم الخارجي وصعوبة التفاوض على عدة مصادر معلومات، قد تعيق استخدام هذه التكنولوجيات بشكل فعّال (McNicholl et al., 2021). لذا، ينبغي أن تركّز ممارسات التكنولوجيا المساعِدة على تسخير إمكانات الأجهزة السائدة كتكنولوجيات مساعِدة في خدمة كافة الأشخاص من مختلف الإعاقات، ما يسهّل إدماجهم وتخفيف شعورهم بوصمة العار.