موجز تنفيذي

الأشخاص ذوو الإعاقة في المنطقة العربية، كما في سائر أنحاء العالم، من أكثر الفئات السكانية تهميشاً وإقصاءً، وكثيراً ما يغيبون عن الحياة العامة لصعوبة انخراطهم في البيئة الإجتماعية والمادية، وهم أكثر عرضةً للضرر بفعل الأزمات والكوارث. نادراً ما تتطرق التقارير حول النزاعات العنيفة في مختلف أنحاء المنطقة إلى محنة الأشخاص ذوي الإعاقة، الذين لا يستطيعون الهروب من الدمار أو لا يدركون المخاطر التي تتهدّدهم أو حتّى يمكن أنّ تتخلى عنهم عائلاتهم. من المهم الأخذ بالاعتبار أن مقابل كل شخص يقتل، هناك عددٌ أكبر يصاب بإصاباتٍ بالغة أو بإعاقات دائمة. 

تلتزم البلدان العربية بتحسين وضع الأشخاص ذوي الإعاقة، فقد وقّع معظمها على اتفاقيّة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أو صدّق عليها أو انضمّ إليها؛ بعد أن اعتمدتها منظمة الأمم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر 2006. غير أنّ إنفاذ القوانين وتحقيق الطموحات ينطوي في أحيان كثيرة على تحديات كثيرة وإقصاء الأشخاص ذوي الإعاقة هو في جزء منه مستدام ذاتياً. وللحماية الاجتماعية الشاملة دور بالغ الأهمية في التغلب على هذه التحديات، على أن تكون جزءاً من خطة إنمائيّة أوسع نطاقاً. ولتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة لا بدّ من التحوّل في المنطقة من نموذج العمل الخيري إلى نهج حقوق الإنسان. ويسهم تحسين الحماية الاجتماعية في تحويل النظرة من "غير قادر على العمل'' إلى نهج "شريك في الحياة الاجتماعية".

يركّز الفصل الأول من هذا التقرير على حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في ضوء خطة التنمية المستدامة لعام 2030. ويتطلب رصد التقدم في تنفيذ أهداف خطّة التنمية المستدامة مجموعة شاملة من البيانات الموثوقة، معظمها غير متوفر في البلدان العربيّة، كما يتبين من النقص في آخر إحصاءات جمعتها الإسكوا. وتبيّن الإحصاءات فوارق كبيرة بين البلدان العربية في معدلات انتشار الإعاقة، وفي حين بالكاد تتوفر  بيانات عن فقر الأشخاص ذوي الإعاقة، تظهر الإحصاءات أن نسبتهم في التعليم والعمالة أقلّ ممن هم من دون إعاقة، ما يشير بقوة إلى أنهم أكثر عرضة للفقر وأن النساء المصابات بالإعاقة أشد حرماناً.

ويتناول الفصل الثاني الحماية الاجتماعية. غير أنّ البيانات عن تغطية الحماية الاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة غير متوفرة وإذا توفرت يصعب تفسيرها  في الكثير من الأحيان. وفي حين يبدو أن نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة من مجموع السكان المشمولين بالتأمين الاجتماعي والتأمين الصحي القائم على الاشتراكات قليلة جداً، تظهر بيانات المساعدة الإجتماعيّة والتأمين الصحّي غير القائم على الاشتراكات نتائج متفاوتة. وتصمّم برامج المساعدات الاجتماعية والتأمين الصحي غير القائمة على الاشتراكات من خلال الاختبار بالوسائل غير المباشرة  للوضع المالي، غير أنّ النتائج تبقى غير موثوقة ما لم تحسب التكاليف الكاملة المرتبطة بالإعاقة في تقييم مستوى فقر الأسر المعيشيّة. 

وإذا ما كانت أهلية الحصول على الحماية الاجتماعية وقفاً على حالة الإعاقة، تبقى إمكانية الحصول عليها مرتبطة بتعريف الإعاقة. وغالباً ما تُعرّف الإعاقة في المنطقة بالعجز عن العمل، ما قد يثبط الأشخاص ذوي الإعاقة عن المشاركة في القوى العاملة. ومن القيود التي تعوق حصول الأشخاص ذوي الإعاقة على الحماية الاجتماعية النقص في المعلومات، وصعوبة إجراءات تقديم الطلبات، وكثرة العوائق في البيئة المادية والاجتماعية. وحتى عندما يتيسّر الحصول على الحماية الاجتماعية، كثيراً ما تكون هذه الحماية غير كافية، بسبب قلّة التقديمات المالية، أو عدم ملاءمة الخدمات الصحية، ولا سيما في حالة النساء المصابات بإعاقة وسكان المناطق الريفيّة النائية. 

ويخلص الفصل الثالث إلى أن تأمين الحماية الاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة يستلزم دمج أنظمة الحماية الاجتماعية في السياسات العامّة الأوسع نطاقاً. ولا بد من أن يترافق العمل على تحقيق أهداف الحماية الاجتماعية الأساسية بجهود لتنفيذ أهداف أخرى من خطة عام 2030 وأحكام اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، مثل تيسير الوصول إلى البيئة المادية والاجتماعية. ويعرض الفصل مجموعة من التوصيات تسهم في تأمين الحماية الاجتماعية الكافية التي تضمن استقلاليّة الأشخاص ذوي الإعاقة، وتستوفي مبادئ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لتحقيق الأهداف المنشودة.