جدول المحتويات:
إمكانية الوصول إلى أماكن العمل والمعلومات والبيئة الأوسع
العقبات الرئيسة التي تحدّ من شمول الأشخاص ذوي الإعاقة في الضمان الاجتماعي والتأمين الصحّي الاجتماعي هي ببساطة الافتقار إلى فرص العمل في الاقتصاد النظامي. ومن بين التدابير المتخذة لتشجيع توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة نظام الحصص التي سبق وتم التطرق إليه أعلاه. كما أدخلت بلدان مثل تونس والجزائر تخفيضاتٍ على اشتراكات الضمان الاجتماعي أو إعفاءاتٍ ضريبية على دخل الأشخاص ذوي الإعاقة، وكذلك حوافز مالية مختلفة لتوظيفهم[1]. والتكييف المناسب لأماكن العمل وتيسير إمكانية الوصول إلى المباني ووسائل النقل، كلها عوامل لا تشكّل جزءاً من تعريف الحد الأدنى للحماية الاجتماعية، ولكنها مع ذلك هي عوامل ضروريّة لتيسير شمولية تدابير الحماية الاجتماعية .
وحتى عندما تكون الحماية الاجتماعية متوفّرة، تبقى هناك عقبات عمليّة تحول دون إمكانيّة الحصول عليها، خصوصاً فيما يتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة. فالمواقع التي يتعين زيارتها للحصول على الدعم كثيراً ما تكون بعيدة جغرافيّاً، لا سيّما في المناطق الريفيّة النائية، أو يتعذر الوصول إليها فعليا. وقد يُفاقم هذا العائق إجراءات تقديم الطلبات البيروقراطية والمكلِفة والتي تستغرق وقتاً طويلاً؛ إذ قد يتطلّب الأمر في معظم الأحيان زياراتٍ عديدة ومتكرّرة لعدد من المكاتب الحكوميّة. فقد أشار 49 في المائة من الأشخاص ذوي الإعاقة في المغرب الذين لم يستفيدوا بالكامل من برنامج المساعدة الطبيّة أن ذلك كان يعود للصعوبات الإداريّة[2]. ويواجه الأشخاص ذوو الإعاقة في العراق أيضاً مثل هذه العقبات عندما يحاولون الحصول على التحويلات النقديّة[3]. وقد أثّر هذا كلّه خصوصاً على النساء ذوات الإعاقة اللواتي يواجهن صعوبات على شكل التحرّش الجنسي والقيود التي تفرض على تنقّلاتهن؛ ما يجعل من الصعب عليهنّ القيام بإجراءات تقديم الطلبات[4].
وهناك عقبة أخرى وهي الافتقار إلى معلومات حول تدابير الحماية الاجتماعية المتاحة. ففي المغرب، مثلاً، ذكر 13 في المائة من ذوي الإعاقات غير الملتحقين ببرنامج المساعدة الطبيّة أنّهم لم يكونوا حتى على علمٍ بهذا البرنامج[5]. في حين أنّ 9.2 في المائة من ذوي الإعاقات كانوا على علمٍ بالخدمات التي تقدّمها وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية[6]. وعلاوة على ذلك، هناك دلائل على وجود التباس بشأن بطاقة الإعاقة. وأفيد في مصر[7]. وكذلك في تونس[8] أن هناك بعض الالتباس بين الأشخاص ذوي الإعاقة فيما يتعلق بكيفيّة الحصول على خدمات الحماية الاجتماعية وأماكن توفّرها.
وقد لجأت الحكومات إلى تدابير مختلفة للتخفيف من حدة هذه المشاكل. فمثلا، يتألف برنامج "توافق" لتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة الذي أطلقته وزارة العمل في المملكة العربية السعودية في عام 2012، من مجموعة مبادرات لزيادة العمالة بين الأشخاص ذوي الإعاقة. إذ "تسعى الوزارة جاهدةً إلى تحويل بيئة العمل الداخلية فيها إلى بيئة نموذجية مهيّئة للتكيّف واحتياجات العامِلين والزائرين من ذوي الإعاقات بمختلف أنواعها". ومن الجدير بالملاحظة أن هذا البرنامج يقتضي التعاون بين وزارة العمل ووزارة الشؤون الاجتماعية لضمان أن يشمل الضمان الاجتماعي العامِلين من الأشخاص ذوي الإعاقة[9].
يحق للأشخاص ذوي الإعاقة في العديد من البلدان استخدام وسائل النقل العام المجانيّة أو المدعومة من الدولة، ما قد يعالج جزئياً مشكلة المسافات الجغرافية التي تعيق تنقل الأشخاص ذوي الإعاقة وتيسر حركتهم على نطاق أوسع. ففي الإمارات العربية المتحدة تقدّم على الإنترنت طلبات الحصول على بطاقات الإعاقة وغيرها من استمارات الحماية الاجتماعية مثل التحويلات النقدية، ويقلل ذلك من حاجة الأشخاص ذوي الإعاقة إلى زيارة المكاتب الحكوميّة التي يتعذّر الوصول إليها. وفي تونس، بُذلت جهود حثيثة لتسهيل النفاذ إلى المواقع الإلكترونيّة الإداريّة الخاصّة بالإعاقة، ما قد يتيح للأشخاص ذوي الإعاقة إمكان الحصول على معلومات حول برامج الحماية الاجتماعية[10]. وتسعى بلدان أيضاً جاهدةً إلى تحسين إمكان نفاذ الأشخاص ذوي الإعاقة إلى الإنترنت[11]. ومن الأمثلة البارزة على تزايد الوعي في المنطقة بتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة، معرض دُبي "اكسبو أصحاب الهمم الدولي" (AccessAbilities Expo) لعام 2017 الذي كان يهدف إلى جمع عدد كبير من أصحاب المصلحة بما في ذلك من الحكومات والشركات وتقديم منتجات تكنولوجية جديدة تمكّن الأشخاص ذوي الإعاقة من العيْش باستقلالية[12].
[1] في الجزائر يُعفى من ضريبة الدخل العامّة العمّالُ ذوو الإعاقة الذين يكسبون أقلّ من 20,000 دينار شهريّاً. راجع الجزائر، وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة Algeria, Ministry of National Solidarity, Family and the Status of Women (n.d). وينص القانون التونسي على تخفيض رسوم مساهمات أصحاب العمل في الضمان الإجتماعي عند تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة، تبعاً لدرجة الإعاقة المذكورة في بطاقة الإعاقة للموظف. Tunisia, 2005b, Article 34
[2] المغرب، وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، عام 2014 ص.60
[3] إجراءات ملء طلبات المسنّين لبرامج التحويلات النقديّة الفئويّة الإستهداف مفصَّلة في وكالة التنمية الدوليّة التابعة للولايات المتّحدة، 2014. والجدير بالذكر هنا أنّ هذا ينطبق على برامج التحويلات النقديّة قبل اعتماد آليّة الإستهداف بالقياس غير المباشر لموارد الأسرة
[4] بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق ومفوّضية الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان، 2016، ص 16 و17؛ وكالة التنمية الدوليّة التابعة للولايات المتّحدة، عام 2014، ص17 و19
[5] Morocco, Ministry of Family, Solidarity, Equality and Social Development, 2014, p. 60
[6] المرجع نفسه، ص 74
[7] Hakky, 2015, p. 61
[8] Pinto, Pinto and Cunha, 2016a, pp. 32-33
[9] United Nations Committee on the Rights of Persons with Disabilities, 2015b, pp. 47-50
[10] United Nations Commitee on Economic and Social Council, 2015, p. 45
[11] United Nations Economic and Social Council, 2015, p. 45; United Nations Committee on the Rights of Persons with Disabilities, 2015b, p. 19; United Nations Committee on the Rights of Persons with Disabilities, 2016, p. 31
[12] AccessAbilities Expo, 2017