جدول المحتويات:
كفاية الاستحقاقات والخدمات
حتى عندما تكون الاستحقاقات النقديّة متاحةً ومن السّهل الحصول عليها، فحجمها الصغير لا يكفي في معظم الأحيان تغطية حتّى التكاليف الإضافيّة للإعاقة. وبما أنّ معاشات الإعاقة القائمة على التأمين تُحتسَب عادةً، جزئيّاً على الأقل، على أساس مدّة الخدمة ومتوسط الراتب أو راتب نهاية الخدمة، فهي غالباً ما تكون أدنى للأشخاص ذوي الإعاقة مما هي للمستفيدين من كبار السن. ففي دولة فلسطين مثلاً، يبلغ متوسّط استحقاقات الإعاقة ضمن برنامج الضمان الاجتماعي في القطاع العام 1.800 شيكل إسرائيلي بالمقارنة مع 2.288 شيكل لكافّة استحقاقات الضمان الاجتماعي[1]. وفي إطار الدراسات التي أجرتها المنظمة الدولية للمعوقين والمنظمات المعنية بالإعاقة في تونس والجزائر والمغرب، شدّد الأشخاص ذوو الإعاقة على أن انخفاض قيمة برامج التحويلات النقديّة، تعتبر إحدى أكبر المشاكل المتعلقة بالحماية الاجتماعية في بلدانهم (الشكل 18).
كثيراً ما تكون مِنَح الحماية الاجتماعية التي تُوزَّع ضمن إطار نظم الحماية الاجتماعية العامة محدَّدةَ الحجم والقيمة؛ ما يعني أن الأشخاص ذوي الإعاقة يحصلون على المنح نفسها التي يحصل عليها المستفيدون الآخرون، على الرغم من تكاليف المعيشة المرتفعة التي يتكبدونها عادة. غير أنّ البرنامج الفلسطيني الوطني للتحويلات النقديّة يشكل استثناءً، إذ ترتكز قيمة التحويل النقدي على فجوة الفقر لدى الأسرة المعيشيّة، وتُحتسَب من خلال صيغة الاختبار بوسائل غير مباشرة لوضع الأسرة المالي (الذي يأخذ بالاعتبار تكاليف الإعاقة). وتشير البيانات المتاحة إلى أن الأسر المعيشية المستفيدة وتشمل أفراداً ذوي إعاقة تحصل على منحٍ أكثر سخاءً إجمالاً[2].
الشكل 18. جوانب الحماية الاجتماعية التي تتطلب بعض التحسين وفقاً للأشخاص ذوي الإعاقة في الجزائر والمغرب وتونس، 2015
المصادر: Pinto, Pinto and Cunha, 2016a, p. 35; 2016b, p. 35; and 2016c, p. 37.
يعتمد مدى شموليّة الحماية الاجتماعية بشكل مباشر أو غير مباشر على حد سواء على ما إذا كانت الخدمات الاجتماعية متوفرة ويمكن الحصول عليها وكافية. والفائدة من توسيع نطاق التأمين الصحي ليشمل الأشخاص ذوي الإعاقة محدودة إذا لم تتوفر مستشفيات أو عيادات يمكنهم استخدامها. ويؤثّر النقص في مثل هذه المرافق على الأشخاص ذوي الإعاقة خاصة الذين يعيشون في المناطق الريفيّة، كما وأنّه قد يقوّض إمكانيّة حصولهم على أشكالٍ أخرى من الحماية الاجتماعية. عندما تكون مثلاً العيادات المكلَّفة بإصدار الشهادات الطبيّة المستخدَمة لتحديد وضع الإعاقة غير متوفّرة أو من الصعب الوصول إليها.
وحتّى عندما تكون الرعاية الصحيّة متوفرة ويتيسر الحصول عليها، فهي كثيراً ما تكون من نوعية غير ملائمة أو لا تلبي احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة. وقد أثار بعض من الأشخاص ذوي الإعاقة في عددٍ من بلدان المنطقة مسألة غلاء أسعار الأطراف الاصطناعية وسواها من المعدّات أو رداءة نوعيّتها أو عدم توفرها إطلاقاً من خلال نظام الرعاية الصحيّة[3]. وتشير دراسات المنظمة الدولية للمعوقين والمنظمات المعنية بالإعاقة في تونس والجزائر والمغرب إلى أن الأشخاص ذوي الإعاقة يعتبرون نوع الخدمات ونوعيّتها من بين أكثر أوجه القصور حدّةً في ما يتعلّق بالحماية الاجتماعية، كما هو مبيّنٌ في الشكل 18. وقد شدّدت منظّمات المجتمع المدني في المنطقة على أنّ النساء ذوات الإعاقة هن الأكثر تضرّراً من جرّاء نظم الرعاية الصحيّة غير الكافية التي كثيراً ما تتغاضى عن احتياجاتهنّ الإنجابيّة[4].
ونتيجة لذلك، وعلى الرغم من الأحكام التي تضمن حصول الأشخاص ذوي الإعاقة على الرعاية الصحيّة، ينتهي بهم المطاف في أحيان كثيرة إلى دفع مبالغ طائلة للحصول على الرعاية والمعدات أو عدم حصولهم عليها على الإطلاق. وعلى الرغم من أن المستفيدين من برنامج التحويلات النقديّة في دولة فلسطين يستفيدون أيضاً من التأمين الصحّي المجّاني، وجدت إحدى الدراسات أنّ كلفة المعدّات أو اللوازم الطبيّة الضروريّة تتجاوز في أحيان كثيرة قيمة مِنَح البرنامج الفلسطيني الوطني للتحويلات النقديّة[5].
وفي تونس يبدو أن الأشخاص ذوي الإعاقة يحظوْن بتغطيةٍ جيّدة نسبيّاً من برنامج التحويلات النقدية للبرنامج الوطني لمساعدة الأسر المحتاجة ومن برنامج المساعدة الطبية المجانية وبرنامج المساعدة الطبية المدعومة. ولكن أشار مسح أخير إلى أنّ 64 في المائة من الأسر المعيشيّة التي تشمل على الأقل فرداً واحداً ذا إعاقة المستفيدة من البرنامج الوطني لإعانة العائلات المعوزة/برنامج المساعدة الطبية المجانية، و58 في المائة من الأسر المعيشيّة التي تشمل على الأقل فرداً واحداً ذا إعاقة المستفيدة من برنامج المساعدة الطبية المدعومة تتكبد نفقات لا يغطّيها البرنامج[6].. ويبلغ متوسط تكاليف الإعاقة غير المسدَّدة للأسر المعيشيّة المستفيدة من البرنامج الوطني لإعانة العائلات المعوزة/برنامج المساعدة الطبية المجانية أو برنامج المساعدة الطبية المدعومة والتي تشمل فرداً واحداً على الأقل ذا إعاقة، على التوالي، 54 ديناراً (32 دولاراً) و71 ديناراً (42 دولاراً) شهريّاً لكلّ فرد ذي إعاقة[7]. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أنّ نحو 5 في المائة من الأسر المعيشية التي تشمل على الأقل فرداً واحداً ذا إعاقة المستفيدة إما من البرنامج الوطني لإعانة العائلات المعوزة/برنامج المساعدة الطبية المجانية أو من أو برنامج المساعدة الطبية المدعومة لم تستردَّ تكاليف بلغت 200 دينار (118 دولاراً) أو أكثر للشخص الواحد ذي الإعاقة[8].
يمكن أن يعيق الافتقار إلى فرص التعليم بشكل خطير حصول الأشخاص ذوي الإعاقة على الحماية الاجتماعية على المدى القريب وعلى المدى الطويل أيضاً، لأن من غير المحتمل أن يحصل ذوو التعليم المنخفض أو غير المتعلّمين على عملٍ نِظاميّ، ويتجلى ذلك في كيفية استبعاد الأطفال ذوي الإعاقة في مصر من التأمين الصحي الاجتماعي إذا لم يكونوا ملتحقين بالمدارس. وعلاوة على ذلك، جعل عددٌ من البلدان في المنطقة الاستفادة من برامج التحويلات النقديّة مشروطةً بالالتحاق بالمدارس، وتخطط حاليّاً بلدانٌ أخرى إلى القيام بذلك. ولكن لا يمكن للأسر المعيشية أن تفي بهذه الشروط إذا لم تتوفر المدارس ويمكن الوصول إليها. ويثير ذلك تساؤلات حول ما إذا كانت الأسر المعيشية التي لديها أطفال ذوي إعاقة معرضة لخطر عدم استفادتها من برامج التحويلات النقديّة[9]. غير أن بعض البرامج، مثل ذلك البرنامج الذي يوجه مساعدات إلى الأرامل في المغرب، أعفى صراحةً الأطفال ذوي الإعاقة من الشروط المتعلقة بالتعليم[10]. وقد يكون هذا النهج مستحسَناً على المدى القصير، إلاّ أنه قد يعزّز فكرة أنّه لا يُفترَض بالأطفال ذوي الإعاقة الذهاب إلى المدارس، ما قد يُديم بالتالي إقصائهم.
[1] World Bank, 2016a, p. 59. لا يحدّدد المصدر تاريخاً للبيانات.في عام 2016 كان الشيكل الإسرائيلي الواحد يعادل 3.9 دولارات
[2] Kaur and others, 2016, p. 59
[3] فيما يتعلق بالعراق، USAID, 2014, p. 25؛ والمغرب Pinto, Pinto and Cunha, 2016c, pp. 33-34؛ والجزائر Pinto, Pinto and Cunha, 2016b, pp. 33-34
[4] Stars of Hope Society, 2013, pp. 48, 51; Information and Research Center and others, 2017, pp. 6, 11; Advocates for Human Rights & Mobilising for Rights Associates, 2017, pp. 15-16
[5] Pereznieto and others, 2014, p. 29
[6] Centre de Recherches et d'Etudes Sociales (CRES) and African Development Bank, 2017, p. 180
[7] وكما سبق ذكره، فقد حُدِّد في تونس في عام 2015 خطّ الفقر بـ 1706 دنانير وخطّ الفقر المدقع بـ 1032 ديناراً للشخص الواحد في السنة
[8] CRES and African Development Bank, 2017, pp. 180-181
[9] للإطلاع على مرجعٍ عامّ عن الإعاقة والتحويلات النقديّة المشروطة، الرجوع إلى Mont،2006
[10] Morocco, Ministry of Family, Solidarity, Equality and Social Development, 2016b