جدول المحتويات:
شمول الأشخاص ذوي الإعاقة بنُظم الحماية الاجتماعية
مسألة الحصول على معدّلات دقيقة أو قابلة للمقارنة لتغطية الحماية الاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة في سياقات مخالفة مسألةً صعبةً للغاية، إذ تختلف تعاريف تدابير الحماية الاجتماعية أو الإعاقة من بلد إلى آخر أو أيضاً من منطقة إلى أخرى ضمن حدود البلد نفسه. وعلاوة على ذلك، يمكن أن يستفيد الأشخاص ذوو الإعاقة من نظم الحماية الاجتماعية إما مثلاً لكونهم فقراء أو مسنّين لا بسبب إعاقتهم، وقد يعني ذلك أن الإحصاءات قد تقلّل من عدد الأشخاص الذين تشملهم الحماية الاجتماعية. وقد لا يكون واضحاً في بعض الأحيان ما إذا كانت البيانات تشير إلى تغطية مباشرة فحسب أم أنها تشمل أيضاً تغطية غير مباشرة، كتلك التي يستفيد منها مثلاً الزوج أو الزوجة أو أولاد العاملين في القطاع الرسميّ، ومن شأن ذلك أن يقوض صلاحية وموثوقية بيانات تغطية الحماية الاجتماعية وقابليتها للمقارنة.
وبقدر ما تتوفر البيانات عن تغطية الحماية الاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة تكون إجمالاً مرتبطةً بنظم محدّدة. وبرغم أنّ الإحصاءات قد تشير إلى قدرة البرامج الخاصة على شمل الأشخاص ذوي الإعاقة، إلاّ أن من الصعب استخلاص استنتاجات حول مجمل تغطية الحماية الاجتماعية، ذلك لأنّ لدى معظم البلدان أكثر من برنامج واحد، وعادةً لا تكون البيانات المتعلّقة بالتغطية متوفّرة للبرامج كافّة ويمكن أن يستفيد البعض من تغطية برنامج واحد أو أكثر.
وفي المسح الوطني الصحّي والديمغرافيّ لليمن لعام 2013 مثال من الأمثلة القليلة في المنطقة العربيّة على التغطية الشاملة (بدلاً من التغطية المرتبطة ببرنامج محدّد) للأشخاص ذوي الإعاقة. إذ تشير نتائج المسح (راجع الشكل 11) إلى أنّ 26.1 في المائة من الأشخاص ذوي الإعاقة قد حصلوا خلال السنة الماضية على رعاية طبيّة و5.9 في المائة على خدمات اجتماعية و2.6 في المائة على دّعم مالي و1.1 في المائة على معونة غذائية، في حين أن 66.5 في المائة لم يحصلواعلى أيّ دعم أو رعاية على الإطلاق. وقد تبين أن الرجال ذوو الإعاقة حصلوا على درجة تغطية أعلى من تلك التي حظيت بها النساء، حتى لو لم يكن هذا الفارق كبيراً. وقد تبيّن أيضاً أنّ احتمال استفادة الذين يعيشون في المدن من تغطية بعض برامج الحماية الاجتماعية كان أكبر بعض الشيء من احتمال استفادة الذين يعيشون في المناطق الرّيفيّة، الذين في أحيان كثيرة يحظوْن على حمايةٍ اجتماعية على شكل خدمات اجتماعية ومعونات غذائية.
غير أن تفسير النتائج ليس سهلاً، ومن غير الواضح مثلاً إذا كانت البيانات تتعلق فقط بأنواع محدّدة من الحماية الاجتماعية الخاصّة بالإعاقة، أو أنها تشمل أيضاً البرامج العامة أو أيضاً الدّعم المقدَّم إلى أفراد آخرين في الأسرة المعيشيّة أو فقط إلى الأشخاص ذوي الإعاقة[1].. كما يصعب معرفة إذا ما كانت البيانات تشمل الحماية الاجتماعية التي تقدمها جهاتٌ فاعلة من غير الدولة، وما هو المقصود بكلمة "رفاه" لهذا الغرض. ولا يقدّم المسح بياناتٍ من هذا القبيل لمن هم من دون إعاقة.
وفي العديد من البلدان، تُمنح مخصّصات مختلفة من الحماية الاجتماعية فقط لمن يحملون بطاقة إعاقة (يشار إليها أيضاً ببطاقة هويّة إعاقة). ويمكن أن تقدم نسبة الحائزين على تلك البطاقات فكرة تقريبيّة عن مدى انتشار تغطية الحماية الاجتماعية؛ علماً أنّ ما يمكن الحصول عليه بواسطة هذه البطاقة يختلف من بلدٍ إلى آخر. ولكنّ عموماً حيازة بطاقة ضروري للاستفادة من مخصَّصات الإعاقة.
الشكل 11. النسبة المئوية للأشخاص ذوي الإعاقة الذين تلقّوا خلال الأشهر الـ 12 الماضية دعماً لإعاقتهم من أي نوع، اليمن، 2013
المصدر: اليمن، وزارة الصحة العامة والسكان وجهاز الإحصاء المركزي، 2015.
الشكل 12. النسبة المئوية للأشخاص ذوي الإعاقة الحائزين على بطاقة إعاقة، تونس، 2014
المصدر: مقتبس من المعهد الوطني للإحصاء، تونس، 2016ب.
ففي لبنان مثلاً، بطاقة الإعاقة مفتاح لمعظم الخدمات المحددة للإعاقة التي تقدّمها الدولة[2]. ومنذ عام 2016، حصل 97,735 شخصاً في البلاد على بطاقات إعاقة، كان أكثر من 60 في المائة منهم من الرجال[3]. لكنّ الافتقار إلى بيانات أخرى يجعل من الصعب تقدير نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة الحائزين على تلك البطاقات، أو إلى أي مدى، يعكس التباين بين الجنسين التوزيع الفعلي للإعاقة.[4] ولكن الجدير بالذّكر هو أن عدد الحائزين على تلك البطاقات قد ارتفع بنسبة 25 في المائة منذ عام 2013 [5].
وقد أظهر تعداد السكان في تونس لعام 2014 أنّ نسبة 45 في المائة فقط من الأشخاص ذوي الإعاقة حائزون على بطاقة إعاقة، وأنّ ثمّة تباينات واسعة في ذلك بين الرجال والنساء، وخصوصاً بين الفئات العمريّة المختلفة. (راجع الشكل 12)[6].
ومن جهة أخرى، وجدت دراسةٌ أجرتها "المنظمة الدولية للمعوقين" على منطقتيْن مختارتين في تونس، أنّ 95 في المائة من الأشخاص ذوي الإعاقة يستخدمون بطاقة إعاقة[7]. وقد يعود التناقض الكبير بين هذه النتائج ونتائج التعداد السكاني جزئياً إلى أن تحديد المستجيبين لغرض الدراسة التي أجرتها المنظّمة قد تم بمساعدة المنظمات المحلية المعنية بالإعاقة التي يمكن أن تكون قد انحازت في عمليّة الاختيار إلى حاملي بطاقات الإعاقة[8]. وعلاوة على ذلك، فإنّ المنطقتيْن اللّتيْن شملهما المسح لا تمثّلان البلد ككل. وقد وجدت دراستان مشابهتان أجرتهما المنظمة الدولية للمعوقين في مناطق في الجزائر والمغرب أنّ نسبة المستجيبين الذين يستخدمون بطاقات إعاقة كانت100 في المائة في الجزائر و50 في المائة في المغرب[9]، هذا على الرغم من أنه في حالة المغرب لم تكن بطاقة الإعاقة سارية المفعول فعلاً في الوقت الذي أجري فيه المسح، إذ كان إطارها التنظيمي لا يزال قيْد المراجعة والتنقيح[10].
وقد سألت دراسات المنظمة الدولية للمعوقين أيضاً المستجيبين الذين يحملون بطاقات الإعاقة عن الغرض الذي استخدمو البطاقة من أجله. وهذا أمرٌ مثير للاهتمام إذ أنّه يشير إلى أيّ مدى تخوّل هذه البطاقات الأشخاص ذوي الإعاقة الحصول عمليّاً على الحماية الاجتماعية. فكما هو مبيّن في الشكل 13، كان بإمكان غالبيّة حاملي بطاقات الإعاقة استخدامها للاستفادة من خدمات النقل. وفي الجزائر وتونس، افاد معظم المستجيبين للدراسة بأن بطاقاتهم تخوّلهم الاستفادة من خدمات الرعاية الصحيّة. ولكن فقط في الجزائر كانت هذه البطاقة تخوّل أعداداً هائلةً من الأشخاص ذوي الإعاقة الحصول على مساعدات ماليه، وهذا ليس مستغرَباً بالنظر إلى أن الجزائر كما ذُكر آنفاً، لديها برنامج تكنولوجيا معلومات وهو تغطية 100 في المائة لمعاشات تقاعد الأشخاص ذوي الإعاقة.
لمّا كانت البيانات المتعلقة بالتغطية الشاملة للحماية الاجتماعية نادرةً وغير تامّة، سيبحث الجزء التالي التغطية من منظورات أشكال الحماية الاجتماعية ونظمها، مركِّزاً في ذلك على الضمان الاجتماعي والمساعدات الاجتماعية والرعاية الصحيّة.
الشكل 13. الاستفادة من بطاقة الإعاقة حسب الغرض، 2015
المصدر: Pinto, Pinto and Cunha, 2016a, p. 30; 2016b, p. 30; and 2016c, p. 31.
[1] تعرض هذه البيانات على أنها "النسبة المئويّة للأشخاص ذوي الإعاقة الذين تلقوا أيّ نوعٍ من أنواع الرعاية والدعم لإعاقتهم"؛ الذي يبدو أنه يشير إلى أن المقصود فقط أشكال الحماية الاجتماعية الخاصة بالإعاقة. ومع ذلك، يبدو من الاستبيان نفسه أن الأسئلة التي طرحت على المستجيبين كانت فقط "ما إذا تلقّوا أيّ رعاية أو دعم" خلال السنة التي مضت؛ ما يعني أنّ هذه البيانات تشمل أشكال نظم الحماية الإجتماعية العامة بالإضافة إلى تلك الخاصّة بالإعاقة. Yemen, 2015, pp. 206, 278
[2] UNICEF, n.p., p. 12; Lebanon, Ministry of Social Affairs, 2016.
[3] UNICEF, n.p., p. 10.
[4] . UNESCO, 2013, p. 11. قد تكون نسبة انتشار الإعاقة أعلى بين الرجال، إذ كثيراً ما يكون الذكور من اللبنانيّين أكثر عرضةً للإصابة بالإعاقات بسبب الحروب وتعرّضهم لحوادث السيْر والعمل، إذ عدد العمّال والسائقين الذكور أكبر.
[5] UNESCO, 2013, p. 9.
[6] "Tunis – 45% of disabled people hold disability card”, 2016.
[7] Pinto, Pinto and Cunha, 2016a, p. 30.
[8] المصدر نفسه، صفحة 47.
[9] Pinto, Pinto and Cunha, 2016b, p. 29; 2016c, p. 31.
[10] Pinto, Pinto and Cunha, 2016c, pp. 26-27, 31, 36.