جدول المحتويات:
تغطية الرعاية الصحية
قياس تغطية الرعاية الصحية هو بصعوبة قياس التأمين الاجتماعي أو المساعدة الاجتماعية. يركز هذا القسم على تغطية نظم التأمين الصحي للأشخاص ذوي الإعاقة. مع ذلك، ينبغي إدراك أن تغطية النظام الصحي القائم على الاشتراكات وغير القائم على الاشتراكات، ليست مؤشراً مثالياً لإمكان الحصول على الرعاية الصحية. ففي بعض البلدان توفر الرعاية الصحية مجاناً، ما يقلل من أهمية الحصول على تأمين صحي.وعلاوة على ذلك حتى عندما يكون الأشخاص ذوو الإعاقة مشمولين بتأمين صحي أو يعيشون في بلد يوفر الرعاية الصحية مجاناً للجميع، فقد يواجهون عملياً مشاكل تتعلق بإمكان حصولهم على الرعاية الصحيّة الكافية.
الإنفاق الشخصي على الرعاية الصحية مرتفع نسبياً في المنطقة، ما يشير إلى أن الحصول عليها يتطلب الدفع سلفاًً [1]. وبما أن الأشخاص ذوو الإعاقة فقراءَ بنسب عالية، وتكاليف الرعاية الصحيّة لهم أعلى مما هي لمن هم من دون إعاقة، فإن قدرتهم على الدفع سلفاً (أو شراء تأمين صحّي خاص) تكون مقيّدة نسبيّاً.
عدد الأشخاص ذوي الإعاقة المستفيدين من التأمين الصحّي الاجتماعي في معظم البلدان منخفض، ما يعكس انخفاض عدد المشمولين في الضمان الاجتماعي. ففي بعض البلدان، كالأردن مثلاً، الذي يشمل فيها التأمين الصحي الاجتماعي للأشخاص ذوي الإعاقة، يفترض أن تكون التغطية نظرياً 100 في المائة، غير أنه تبين من تعداد عام 2015 أنّ حوالي ثلث الأشخاص ذوي الإعاقة غير مشمولين بتغطية الرعاية الصحية[2]. وفي السودان كذلك تبين من تعداد عام 2013 أنّ لدى 60 في المائة فقط من الأشخاص ذوي الإعاقة تأمين صحّي اجتماعي[3]. وفي مصر، لا ينطبق ضمان حصول الأطفال ذوي الإعاقة على تغطية التأمين الصحيّ الاجتماعي عمليّاً إلاّ على أولئك المسجَّلين في المدارس؛ ما يشير إلى أن التغطية غير كاملة[4].
الشكل 16. النسبة المئوية لتغطية التأمين الصحي بين الأشخاص ذوي الإعاقة وإجمالي عدد السكان، المغرب 2013-2015
المصدر: المغرب، وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، 2014. الصندوق الوطني لهيئات الرعاية الاجتماعية، (بلا تاريخ) الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، 2014؛ World Bank, 2015a.
ملاحظة: تستند البيانات المتعلقة بالتغطية بين الأشخاص ذوي الإعاقة إلى الإبلاغ الذاتي، والتغطية الإجمالية محتَسَبة على أساس البيانات الصادرة عن برنامج الصندوق الوطني لمنظّمات الرعاية الاجتماعية، وبرنامج الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والبنك الدولي. لذا ينبغي النظر إلى المقارنات المطروحة على أنها دلاليّة.
الشكل 17. النسبة المئوية من الأسر المعيشية التي لديها فرد واحد ذي إعاقة مشمول بالبرنامج الوطني لإعانة العائلات المعوزة/برنامج المساعدة الطبية المجانية، وبرنامج المساعدة الطبية المدعومة، ومن الأسر المعيشية غير المستفيدة من أي منهما ومن جميع الأسر المعيشيّة، تونس، 2014
المصدر: Center for Research and Social Studies (CRES) and African Development Bank, 2017, pp. 167, 179.
وكما يتبين من الشكل 16، أفاد 5.3 في المائة من الأشخاص ذوي الإعاقة في المغرب الذين شملهم مسح حول مدى تغطيتهم بالتأمين الصحي إلى أنّهم مشمولين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من تغطية برنامج الصندوق الوطني لمنظّمات الاحتياط الاجتماعي، وهو برنامج خاصّ بالعاملين في القطاع العام؛ وأفاد 4.3 في المائة أنهم مشمولين بتغطية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المخصّص للعاملين في القطاع الخاص، وبين السكان ككل بلغت نسبة المشمولين في البرنامج الخاص بالعاملين في القطاع العام 9 في المائة و14.8 في المائة في البرنامج الخاص بالعاملين في القطاع الخاص.
وتشير هذه النسب إلى أن الأشخاص ذوي الإعاقة غير ممثّلين كفاية في البرنامجيْن كليهما، وأن إمكانية التغطية من خلال العمل بالقطاع الخاص غير متاحة لهم بصورة خاصة. كما وقد أظهر المسح أيضاً أنّ 20.7 في المائة من الأشخاص ذوي الإعاقة يستفيدون من نظام المساعدة الطبية الغير قائم على الاشتراكات، ويعني ذلك أيضاً أنهم غير ممثَّلين كفاية في هذا البرنامج، إذ بلغ في عام 2015 المجموع الكلي لعدد المستفيدين من برنامج المساعدة الطبية 8.5 مليوناً، أي حوالي ربع عدد سكّان المغرب[5].
وكما ذكر آنفاً، كان في تونس في عام 2014 لدى 39.1 في المائة من الأسر المعيشية المستفيدة من البرنامج الوطني لإعانة العائلات المعوزة على الأقل فرداً واحداً ذي إعاقة. ويمكن أن يُستخدم ذلك للإشارة إلى مدى شمول الأشخاص ذوي الإعاقة في برنامج الرعاية الطبيّة المجّانية الغير قائم على الاشتراكات، إذ يتشارك هذا البرنامج مع البرنامج الوطني لإعانة العائلات المعوزة بآليّة توجيه المساعدة نفسها وبمجموعة المستفيدين أنفسهم أيضاً. ومن بين الأسر المعيشيّة التونسية المستفيدة من برنامج الرعاية الطبيّة المدعومة، البالغ عددها 588,199 أسرة، شملت 18.2 في المائة منها على الأقل فرداً واحداً ذي إعاقة[6]. ولم تشكل الأسر المعيشية التي تشتمل على فرد واحد أو أكثر ذي إعاقة سوى 8.04 في المائة من المجموع الكلي للأسر المعيشية في تونس، ما يعني أنها كانت ممثلة تمثيلاً زائداً للغاية بين المستفيدين من برنامج الرعاية الطبيّة المدعومة، وإن لم يكن بقدر تمثيلها في كل من برنامج المساعدة الطبيّة المجانية/البرنامج الوطني لإعانة العائلات المعوزة. وتنبغي أيضاً ملاحظة أن 1.21 في المائة فقط من الأسر المعيشية غير المستفيدة من البرنامج الوطني لإعانة العائلات المعوزة/برنامج المساعدة الطبية المجانية أو من برنامج المساعدة الطبية المدعومة تضم فرداً واحداً أو أكثر ذي إعاقة (الشكل 17)[7].
على الرّغم من صعوبة المقارنة بين معدّلات التغطية في كلّ من المغرب وتونس، بسبب استنادهما بالدرجة الأولى على وحدات تحليل مختلفة (أفراد/أسر معيشيّة)، ولأن التعريفات المستخدمة للإعاقة قد تختلف فإن الأشخاص ذوي الإعاقة في تونس، على ما يبدو مشمولين في التأمين الصحيّ بدرجة أكبر مما في المغرب. وبالإضافة إلى ذلك، أشارت المسوح التي أجرتها "المنظمة الدولية للمعوقين" والمنظمات الوطنية المعنيّة بالإعاقة إلى أنّ الأشخاص ذوي الإعاقة في المغرب يظهرون درجة أكبر من المخاوف تتعلق بمعايير الحصول على التغطية مما يظهره الأشخاص ذوو الإعاقة في تونس. فقد يكون التفاوت في التغطية ناجماً عن إدراج تونس الإعاقة في صيغة برنامج الرعاية الطبية المجانية/البرنامج الوطني لإعانة العائلات المعوزة.
أمّا في لبنان، كما أشير سابقاً، يُفترَض أن تخوّل بطاقة الإعاقة حاملَها الحصول على الرعاية الصحية المجانية. ولكنّ الحال في الواقع مُغايرٌ تماماً، لأن المستشفيات الحكوميّة تتردد في أحيان كثيرة في توفير الرعاية الصحيّة لحاملي تلك البطاقات. ويُعزى ذلك إلى الافتقار إلى التمويل الذي تخصصه الحكومة لتسديد التكاليف التي تتكبدها المستشفيات، وأيضاً إلى أن بطاقة الإعاقة تختلف عن بطاقات التأمين التي تصدرها شركات التأمين أو الضمان الاجتماعي لعدم ارتباطها بأيّ وحدة معلومات مركزيّة توفر معلومات عن التاريخ الطبّي أو نطاقات التغطية"[8]. إلاّ أن من الواضح أن المحاولات الرامية إلى تحسين التعاون في ما بين وزارة الشؤون الاجتماعية التي تصدر بطاقات الإعاقة هذه من جهة، ووزارة الصحة العامة من جهة أخرى لم تثمر[9]، وإن كان قد أعلن مؤخّراً عن أن الوزارتين ستجددان تعاونهما لضمان حصول الأشخاص ذوي الإعاقة على الرعاية الصحيّة اللازمة[10].
ومن هنا تختلف النتائج المتعلقة بلبنان عن تلك التي قدّمتها "المنظّمة الدوليّة للمعوّقين" فيما يتعلق بالجزائر وتونس فقد أفادت نسبةٌ كبيرة من حاملي بطاقات الإعاقة عن تمكّنهم من استخدام البطاقات للحصول على الرعاية الصحيّة. ولكن في الجزائر، لا تكفي البطاقة بحدّ ذاتها للحصول على الرعاية الصحيّة، إذ يتعيّن على الأشخاص ذوي الإعاقة الحصول أوّلاً على بطاقة الإعاقة، وبعد ذلك على "بطاقة الشّفاء"، التي تُسجَّل عليها كافّة المعلومات الخاصّة بهويّة حاملها وتاريخه الطبّيّ[11].
الأهم من ذلك، البيانات المتعلقة بتغطية الحماية الاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة هي بمثابة تعريف للإعاقة. وبما أنّ التعاريف، كما سيتطرق إليها الفصل التالي، تختلف في أحيان كثيرة وتتفاوت، فسيكون من الصعب تفسير أو مقارنة البيانات عن التغطية. ويشير ذلك إلى أهمية إصدار المزيد من البيانات عن تغطية الحماية الاجتماعية وأيضاً إلى أهمية ضمان جودتها أيضاً.
[1] World Bank, 2017
[2] Jordan, Department of Statistics, 2015
[3] ESCWA, 2017c, p. 23; Stars of Hope Society, 2013, p. 49
[4] Egypt, 2015; United Nations Committee on the Rights of the Child, 2010, p. 15
[5] أفاد 3.8 في المائة من الأشخاص ذوي الإعاقة أنهم مشمولين بأشكالٍ أخرى من التأمين، بما في ذلك التأمين الخاص (0.7 في المائة) والتأمين المهني (3.1 في المائة). ليس واضحاً ما يشير إليه التأمين المهنيّ، ولعدم توفر معدّلات مقارنة للسكّان ككل، لم يؤخذ هذا النوع من التغطية بالإعتبار
[6] Centre de Recherches et d'Etudes Sociales (CRES) and African Development Bank, 2017, pp. 167, 179
[7] المرجع نفسه
[8] UNESCO, 2013, pp. 13-14
[9]
[10] United Nations Economic and Social Council, 2016, p. 5
[11] Pinto, Pinto and Cunha, 2016b, p. 24; Algeria, La Caisse Nationale de Sécurité Sociale des Non-Salariés (CASNOS), 2014