الضمان الاجتماعي (1)

عموماً، يلتحق العاملون في القطاع العام تلقائيّاً في نظم الضمان الاجتماعي. ويكون التسجيل أيضاً في معظم الحالات إلزاميّاً لموظّفي القطاع الخاص الذين يتقاضون رواتب. ولكن في أحيان كثيرة لا يطبق ذلك في الممارسة العملية، بمعنى أنّ العديد من العاملين في القطاع الخاص يوظفون على أساس غير رسمي، ومن هنا يفتقرون إلى تغطية الضمان الاجتماعي. لقد نجحت بعض البلدان في السنوات الأخيرة وبدرجاتٍ متفاوتة في وضع نظم طوعيّة لمجموعات معيّنة من السكان، كالعاملين لحسابهم الخاص والعاملين في مجال الزراعة والعمال الموْسميّين. ويقدّر أنّ نحو ثلثيْ العاملين في المنطقة العربية غير مشمولين بضمان اجتماعي. وعموماً، ترتفع معدلات التوظيف غير الرسمي في البلدان التي ينخفض فيها نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي[2].

يُعتبر ضمان الشيخوخة الركيزة الرئيسية لنظم الضمان الاجتماعي، كاستحقاقات المعاشات التقاعدية مثلاً التي تُمنح للعاملين المشمولين بالضمان مجرد بلوغهم سن التقاعد القانوني[3]. وجزء آخر هام من نظم الضمان الاجتماعي هو استحقاقات العجز وتدعى أيضًا معاشات العجز، وتُعطى للعاملين المشمولين بالضمان الاجتماعي ويصابون بإعاقة معينة. وكقاعدة عامة، يشترط على  العاملين المشمولين بالضمان لكي يحصلوا على معاش العجز أن يكون لديهم درجة معينة من الإعاقة، كما يتعيّن أن يكونوا مسجَّليْن في نظام الضمان الاجتماعي منذ فترةٍ معيّنة و/أو أن يكونوا قد سدّدوا عدداً معيناً من الاشتراكات في غضون فترة زمنية محددة. ففي مصر مثلاً، يتعيّن على العامل إمّا أن يكون مسجّلاً في الضمان الاجتماعي لثلاثة أشهر متتالية على الأقل أو سدد ما مجموعه ستّة أشهر من الاشتراكات. وعلاوة على ذلك ينبغي أن تظهر الإعاقة أثناء فترة العمل المشمولة بالضمان الاجتماعي أو في غضون عامٍ من التوقّف عن العمل. أمّا في حال ظهور الإعاقة بعد أكثر من عامٍ من التوقّف عن العمل فيشترط أن يكون العامل قد اشترك في الضمان الاجتماعي لمدّة عشر سنوات[4].

تحسَب استحقاقات الإعاقة الأساسية عادةً من خلال صيغة تأخذ بالاعتبار طول فترة مساهمة المُستفيد فضلاً عن مستوى إيراداته. وفي كثير من الأحيان يكون هناك حدٌّ أدنى و/أو حد أقصى للعتبات. ففي الإمارات العربية المتحدة مثلاً، لا تقلّ استحقاقات الإعاقة أبداً عن 10,000 درهم (أي ما يقارب 2,700 دولار) في الشهر[5]، ولا تتجاوز الاستحقاقات في النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد في المغرب نسبة 60 في المائة من متوسط أجر المستفيد منها[6].

في عمليّة تحديد الأهلية واحتساب الاستحقاقات، يُقدِّم العديد من النظم بدلات للإعاقة التي تحدث جرّاء أداء خدمة معينة. ففي اليمن مثلاً، يمنح الموظف المسجَّل في نظام القطاع الخاص والذي يصاب بإعاقة كاملة متعلقة بالعمل استحقاقاً يعادل 100 في المائة من أعلى راتب شهريّ تقاضاه خلال السنة الأخيرة من العمل؛ في حين يُمنح في حالة الإعاقة غير المتعلقة بالعمل معاشاً يعادل 50 في المائة فقط من متوسّط الراتب الشهريّّ [7].

تكون قيمة الاستحقاق عادة مرتبطةً بمدى شدة الإعاقة. ففي الجزائر مثلاً تبلغ قيمة الاستحقاق للإعاقة الكاملة 80 في المائة وللجزئية 60 في المائة من راتب الشخص المشمول بالضمان. وتشمل نظم الضمان الاجتماعي بمعظمها نوعاً من العلاوات لأولئك الذين يحتاجون إلى دعم خاص في إعاقتهم. فنظام العاملين في القطاع الخاص في موريتانيا مثلاً يوفّر بدل رعاية يعادل 50 في المائة من المعاش التقاعدي، في حال كان الشخص المشمول بالضمان بحاجة إلى عناية دائمة من آخرين لكي يتمكّن من أداء مهامّه اليوميّة[8].

يمكن أن تشمل استحقاقات أخرى ضمن أطار نظم الضمان الاجتماعي مخصّصات للأشخاص ذوي الإعاقة في الأسرة المعيشية للشخص المشمول بالضمان. في الأردن يمكن أن يحصل المتقاعدون الكبار في السنّ ولديهم فرد واحد في الأسرة ذا إعاقة على علاوة مُعالين تبلغ 12 في المائة من معاش التقاعد[9]. وفي تونس، تقدّم الاستحقاقات العائلية ضمن نظام الضمان الاجتماعي للعاملين في القطاع الخاص عادة للأولاد حتى سن 16-21 عاماً، اعتماداً على ما إذا كانوا يتابعون الدراسة، ولكن لا يوجد حد عمري للأولاد ذوي الإعاقة[10]. وفي كثير من الأحيان تُطبَّق استثناءاتٌ مشابهة على القواعد المتعلقة بالحالات التي يحقّ فيها لورَثة المستفيد (كاليتيم والأرملة والأرمل) أن يرثوا استحقاقاته. ففي المملكة العربية السعودية، يُدفع معاش الورثة لأبناء الشخص المشمول بالضمان في حال كان هؤلاء دون سن 21-26 عاماً (ويعتمد ذلك على ما إذا كانوا لا يزالون يتابعون دراستهم)؛ غير أنّ الحدّ العمري هذا لا ينطبق على الذين يعتبرون غير قادرين على العمل[11].


(1) للإطلاع على نظم الضمان الاجتماعي في المنطقة، الرجوع إلى Price and others, 2017.

[2] Angel-Urdinola and Tanabe, 2012, pp. 2, 8.

[3] يتضمّن العديد من النظم أيضاً أحكاماً للتقاعد المبكر التي تعني ضمناً انخفاضاً في الاستحقاقات

[4] International Social Security Association، بلا تاريخ

[5] .  United Arab Emirates, General Pension and Social Security Authority, 2015. أفيد أن مجلس دبي الاقتصادي حدّد خط الفقر الوطني بـ 80 درهماً في اليوم، أي ما يوازي 2,400 درهم في الشهر، ما يبدو أنه يشير إلى أن الحد الأدنى لاستحقاقات الإعاقة مرتفع جداً. الرجوع إلى Al Kamali and Al Bastaki, 2011.

[6]Moroco, RCAR, 2015, p. 12.

[7] .  International Social Security Association, n.d.,e. وتجدر الإشارة إلى أن الأزمة الجارية في اليمن تثير التساؤل عما إذا كانت معاشات العجز وغيرها من استحقاقات التأمين الاجتماعي تدفع في الواقع.

[8] .International Social Security Association, n.d.,a

[9] .cInternational Social Security Association, n.d.,b

[10] .Pinto, Pinto and Cunha, 2016a, p. 23

[11] International Social Security Association, n.d.,c. الفتيات اليتيمات مؤهّلات للإستفادة من معاش الورَثة طالما أنهنّ غير متزوّجات.